صفحة جزء
( 5388 ) فصل : وليس للمجوس كتاب ، ولا تحل ذبائحهم ، ولا نكاح نسائهم . نص عليه أحمد . وهو قول عامة العلماء ، إلا أبا ثور ، فإنه أباح ذلك ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم { سنوا بهم سنة أهل الكتاب } . ولأنه يروى أن حذيفة تزوج مجوسية . ولأنهم يقرون بالجزية ، فأشبهوا اليهود والنصارى . ولنا ، قول الله تعالى { : ولا تنكحوا المشركات } .

وقوله { : ولا تمسكوا بعصم الكوافر } . فرخص من ذلك في أهل الكتاب ، فمن عداهم يبقى على العموم ، ولم يثبت أن للمجوس كتابا . وسئل أحمد ، أيصح عن علي أن للمجوس كتابا ؟ فقال : هذا باطل واستعظمه جدا . ولو ثبت أن لهم كتابا ، فقد بينا أن حكم أهل الكتاب لا يثبت لغير [ ص: 101 ] أهل الكتابين . وقوله عليه السلام { : سنوا بهم سنة أهل الكتاب } .

دليل على أنه لا كتاب لهم ، وإنما أراد به النبي صلى الله عليه وسلم في حقن دمائهم ، وإقرارهم بالجزية لا غير ، وذلك أنهم لما كانت لهم شبهة كتاب ، غلب ذلك في تحريم دمائهم ، فيجب أن يغلب حكم التحريم لنسائهم وذبائحهم ، فإننا إذا غلبنا الشبهة في التحريم فتغليب الدليل الذي عارضته الشبهة في التحريم أولى ، ولم يثبت أن حذيفة تزوج مجوسية ، وضعف أحمد رواية من روى عن حذيفة أنه تزوج مجوسية . وقال : أبو وائل يقول : تزوج يهودية . وهو أوثق ممن روي عنه أنه تزوج مجوسية . وقال : ابن سيرين : كانت امرأة حذيفة نصرانية .

ومع تعارض الروايات لا يثبت حكم إحداهن إلا بترجيح ، على أنه لو ثبت ذلك عن حذيفة ، فلا يجوز الاحتجاج به مع مخالفته الكتاب وقول سائر العلماء . وأما إقرارهم بالجزية ، فلأننا غلبنا حكم التحريم لدمائهم ، فيجب أن يغلب حكم التحريم في ذبائحهم ونسائهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية