صفحة جزء
( 5471 ) مسألة ; قال : وما سمي لها ، وهما كافران ، فقبضته ، ثم أسلما ، فليس لها غيره ، وإن كان حراما . ولو لم تقبضه ، وهو حرام ، فلها عليه مهر مثلها ، أو نصفه ، حيث أوجب ذلك وجملته أن الكفار إذا أسلموا ، وتحاكموا إلينا بعد العقد والقبض ، لم نتعرض لما فعلوه ، وما قبضت من المهر فقد نفذ ، وليس لها غيره ، حلالا كان أو حراما ، بدليل قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا } . فأمر بترك ما بقي دون ما قبض

وقال تعالى : { فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله } . ولأن التعرض للمقبوض بأبطاله يشق ، لتطاول الزمان ، وكثرة تصرفاتهم في الحرام ، ففيه تنفيرهم عن الإسلام ، فعفي عنه ، كما عفي عما تركوه من الفرائض والواجبات ، ولأنهما تقابضا بحكم الشرك ، فبرئت ذمة من هو عليه منه ، كما لو تبايعا بيعا فاسدا وتقابضا . وإن لم يتقابضا ، فإن كان المسمى حلالا ، وجب ما سمياه ; لأنه مسمى صحيح في نكاح صحيح ، فوجب ، كتسمية المسلم وإن كان حراما ، كالخمر والخنزير ، بطل ، ولم يحكم به ; لأن ما سمياه لا يجوز إيجابه في الحكم ، ولا يجوز أن يكون صداقا لمسلمة ، ولا في نكاح مسلم ، ويجب مهر المثل إن كان بعد الدخول ، ونصفه إن وقعت الفرقة قبل الدخول . وهذا معنى قوله : حيث أوجب ذلك

وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف . وقال أبو حنيفة : إن كان أصدقها خمرا أو خنزيرا معينين ، فليس لها إلا ذلك وإن كانا غير معينين ، فلها في الخمر القيمة ، وفي الخنزير مهر المثل ، استحسانا . ولنا أن الخمر لا قيمة لها في الإسلام ، فكان الواجب مهر المثل ، كما لو أصدقها خنزيرا ، ولأنه محرم ، فأشبه ما ذكرنا

( 5472 ) فصل : وإن قبضت بعض الحرام دون بعض ، سقط من المهر بقدر ما قبض ، ووجب بحصة ما بقي من مهر المثل ، فإن كان الصداق عشرة زقاق خمر متساوية ، فقبضت خمسا منها سقط نصف المهر ، ووجب لها نصف مهر المثل ، وإن كانت مختلفة ، اعتبر ذلك بالكيل ، في أحد الوجهين ; لأنه إذا وجب اعتباره ، اعتبر بالكيل فيما له مثل [ ص: 131 ] يتأتى الكيل فيه . والثاني ، يقسم على عددها ; لأنه لا قيمة لها ، فاستوى صغيرها وكبيرها

وإن أصدقها عشرة خنازير ، ففيه الوجهان ; أحدهما ، يقسم على عددها ; لما ذكرنا ، والثاني ، يعتبر قيمتها كأنها مما يجوز بيعه ، كما تقوم شجاج الحر كأنه عبد . وإن أصدقها كلبا وخنزيرين وثلاثة زقاق خمر ، ففيه ثلاثة أوجه ; أحدها ، يقسم على قدر قيمتها عندهم . والثاني ، يقسم على عدد الأجناس ، فيجعل لكل جنس ثلث المهر . والثالث ، يقسم على العدد كله ، فلكل واحد سدس المهر ، فللكلب سدسه ، ولكل واحد من الخنزيرين والزقاق سدسه . ومذهب الشافعي فيه على نحو من هذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية