صفحة جزء
[ ص: 152 ] باب أجل العنين والخصي غير المجبوب العنين : هو العاجز عن الإيلاج . وهو مأخوذ من عن . أي : اعترض ; لأن ذكره يعن إذا أراد إيلاجه ، أي يعترض ، والعنن الاعتراض . وقيل : لأنه يعن لقبل المرأة عن يمينه وشماله ، فلا يقصده . فإذا كان الرجل كذلك فهو عيب به ، ويستحق به فسخ النكاح ، بعد أن تضرب له مدة يختبر فيها ، ويعلم حاله بها . وهذا قول عمر ، وعثمان ، وابن مسعود ، والمغيرة بن شعبة ، رضي الله عنهم

وبه قال سعيد بن المسيب ، وعطاء ، وعمرو بن دينار ، والنخعي ، وقتادة ، وحماد بن أبي سليمان . وعليه فتوى فقهاء الأمصار ، منهم ; مالك ، وأبو حنيفة وأصحابه والثوري ، والأوزاعي والشافعي ، وإسحاق ، وأبو عبيد وشذ الحكم بن عيينة ، وداود ، فقالا : لا يؤجل ، وهي امرأته

وروي ذلك عن علي رضي الله عنه ; لأن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : { يا رسول الله ، إن رفاعة طلقني ، فبت طلاقي ، فتزوجت بعبد الرحمن بن الزبير ، وإنما له مثل هدبة الثوب ، فقال : تريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ لا حتى تذوقي عسيلته ، ويذوق عسيلتك } . ولم يضرب له مدة . ولنا ، ما روي أن عمر رضي الله عنه أجل العنين سنة . وروى ذلك الدارقطني ، بإسناده عن عمر وابن مسعود ، والمغيرة بن شعبة ولا مخالف لهم . ورواه أبو حفص عن علي ولأنه عيب يمنع الوطء ، فأثبت الخيار ، كالجب في الرجل ، والرتق في المرأة ، فأما الخبر ، فلا حجة لهم فيه ; فإن المدة إنما تضرب له مع اعترافه ، وطلب المرأة ذلك ، ولم يوجد واحد منهما

وقد روي أن الرجل أنكر ذلك ، وقال : إني لأعركها عرك الأديم . وقال ابن عبد البر : وقد صح أن ذلك كان بعد طلاقه ، فلا معنى لضرب المدة . وصحح ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( تريدين أن ترجعي إلى رفاعة ) . ولو كان قبل طلاقه لما كان ذلك إليها . وقيل : إنها ذكرت ضعفه ، وشبهته بهدبة الثوب مبالغة ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( حتى تذوقي عسيلته ) والعاجز عن الوطء لا يحصل منه ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية