صفحة جزء
[ ص: 250 ] مسألة : قال : ( ومن صلى بلا أذان ولا إقامة ، كرهنا له ذلك ، ولا يعيد ) يكره ترك الأذان للصلوات الخمس ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كانت صلواته بأذان وإقامة ، والأئمة بعده ، وأمر به ، قال مالك بن الحويرث : { أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجل نودعه ، فقال : إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكما ، وليؤمكما أكبركما } متفق عليه وظاهر كلام الخرقي : أن الأذان سنة مؤكدة ، وليس بواجب ; لأنه جعل تركه مكروها . وهذا قول أبي حنيفة والشافعي لأنه دعاء إلى الصلاة ، فأشبه قوله : الصلاة جامعة . وقال أبو بكر عبد العزيز : هو من فروض الكفايات .

وهذا قول أكثر أصحابنا ، وقول بعض أصحاب مالك . وقال عطاء ، ومجاهد ، والأوزاعي : هو فرض لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به مالكا وصاحبه ، وداوم عليه هو وخلفاؤه وأصحابه ، والأمر يقتضي الوجوب ، ومداومته على فعله دليل على وجوبه ، ولأنه من شعائر الإسلام الظاهرة ، فكان فرضا كالجهاد فعلى قول أصحابنا ; إذا قام به من تحصل به الكفاية سقط عن الباقين ; لأن بلالا كان يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم فيكتفي به . وإن صلى مصل بغير أذان ولا إقامة ، فالصلاة صحيحة على القولين ; لما روي عن علقمة والأسود ، أنهما قالا : دخلنا على عبد الله فصلى بنا ، بلا أذان ولا إقامة رواه الأثرم ولا أعلم أحدا خالف في ذلك إلا عطاء ، قال : ومن نسي الإقامة يعيد والأوزاعي قال مرة : يعيد ما دام في الوقت ، فإن مضى الوقت فلا إعادة عليه . وهذا شذوذ ، والصحيح قول الجمهور ; لما ذكرنا ، ولأن الإقامة أحد الأذانين ، فلم تفسد الصلاة بتركها ، كالآخر .

التالي السابق


الخدمات العلمية