صفحة جزء
( 5550 ) مسألة ; قال : وإذا كانت المرأة بالغة رشيدة ، أو صغيرة عقد عليها أبوها ، فأي صداق اتفقوا عليه فهو جائز ، إذا كان شيئا له نصف يحصل [ ص: 161 ] في هذه المسألة ثلاثة فصول : ( 5551 ) الفصل الأول : أن الصداق غير مقدر ، لا أقله ولا أكثره ، بل كل ما كان مالا جاز أن يكون صداقا . وبهذا قال الحسن وعطاء ، وعمرو بن دينار ، وابن أبي ليلى ، والثوري ، والأوزاعي ، والليث ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وداود وزوج سعيد بن المسيب ابنته بدرهمين ، وقال : لو أصدقها سوطا لحلت . وعن سعيد بن جبير ، والنخعي ، وابن شبرمة ، ومالك وأبي حنيفة : هو مقدر الأقل . ثم اختلفوا ، فقال مالك وأبو حنيفة : أقله ما يقطع به السارق . وقال ابن شبرمة : خمسة دراهم . وعن النخعي : أربعون درهما . وعنه عشرون . وعنه عشرون . وعنه رطل من الذهب . وعن سعيد بن جبير : خمسون درهما .

واحتج أبو حنيفة بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : { لا مهر أقل من عشرة دراهم } . ولأنه يستباح به عضو ، فكان مقدرا كالذي يقطع به السارق . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم للذي زوجه : { هل عندك من شيء تصدقها ؟ قال : لا أجد . قال : التمس ، ولو خاتما من حديد } . متفق عليه . وعن عامر بن ربيعة ، أن امرأة من بني فزارة ، تزوجت على نعلين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أرضيت من نفسك ومالك بنعلين ؟ قالت : نعم . فأجازه . } أخرجه أبو داود ، والترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح .

وعن جابر ، أن رسول الله قال : { لو أن رجلا أعطى امرأة صداقا ملء يده طعاما ، كانت له حلالا } . رواه الإمام أحمد ، في المسند . وفي لفظ عن جابر ، قال : { كنا ننكح على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على القبضة من الطعام } . رواه الأثرم . ولأن قول الله عز وجل : { وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم } . يدخل فيه القليل والكثير . ولأنه بدل منفعتها ، فجاز ما تراضيا عليه من المال ، كالعشرة وكالأجرة .

وحديثهم غير صحيح ، رواه مبشر بن عبيد ، وهو ضعيف ، عن الحجاج بن أرطاة ، وهو مدلس . ورووه عن جابر ، وقد روينا عنه خلافه . أو نحمله على مهر امرأة بعينها ، أو على الاستحباب . وقياسهم لا يصح ; فإن النكاح استباحة الانتفاع بالجملة ، والقطع إتلاف عضو دون استباحته ، وهو عقوبة وحد ، وهذا عوض ، فقياسه على الأعواض أولى . وأما أكثر الصداق ، فلا توقيت فيه ، بإجماع أهل العلم . قاله ابن عبد البر وقد قال الله عز وجل : { وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا } . وروى أبو حفص بإسناده ، أن عمر أصدق أم كلثوم ابنة علي أربعين ألفا . وعن عمر رضي الله عنه أنه قال : خرجت وأنا أريد أن أنهى عن كثرة الصداق ، فذكرت هذه الآية : { وآتيتم إحداهن قنطارا } . قال أبو صالح : القنطار مائة رطل . وقال أبو سعيد الخدري ملء مسك ثور ذهبا وعن مجاهد : سبعون ألف مثقال .

التالي السابق


الخدمات العلمية