صفحة جزء
( 579 ) فصل : فإن جمع بين صلاتين في وقت أولاهما ، استحب أن يؤذن للأولى ويقيم ، ثم يقيم للثانية . وإن جمع بينهما في وقت الثانية فهما كالفائتتين ، لا يتأكد الأذان لهما ; لأن الأولى منهما تصلى في غير وقتها ، والثانية مسبوقة بصلاة قبلها . وإن جمع بينهما بإقامة واحدة فلا بأس . وقال أبو حنيفة في المجموعتين : لا يقيم للثانية ; لأن { ابن عمر روى أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب والعشاء بمزدلفة بإقامة واحدة . صحيح } .

وقال مالك : يؤذن للأولى والثانية ويقيم ; لأن الثانية منهما صلاة يشرع لها الأذان ، وهي مفعولة في وقتها ، فيؤذن لها كالأولى . ولنا على الجمع في وقت الأولى ، ما روى جابر ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر بعرفة ، وبين المغرب والعشاء بمزدلفة ، بأذان وإقامتين } . رواه مسلم . ولأن الأولى منهما في وقتها ، فيشرع لها الأذان كما لو لم يجمعهما .

وأما إذا كان الجمع في وقت الثانية ، فقد روى ابن عمر { أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء بجمع كل واحدة [ ص: 252 ] منهما بإقامة . } رواه البخاري . وإن جمع بينهما بإقامة ، فلا بأس ; لحديث آخر ، ولأن الأولى مفعولة في غير وقتها ، فأشبهت الفائتة ، والثانية منهما مسبوقة بصلاة ، فلا يشرع لها الأذان ، كالثانية من الفوائت ، وما ذهب إليه مالك يخالف الخبر الصحيح ، وقد رواه في " موطئه " وذهب إلى ما سواه .

التالي السابق


الخدمات العلمية