صفحة جزء
( 5607 ) مسألة ; قال : ( على الموسع قدره ، وعلى المقتر قدره ، فأعلاه خادم ، وأدناه كسوة يجوز لها أن تصلي فيها ، إلا أن يشاء هو أن يزيدها ، أو تشاء هي أن تنقصه ) وجملة ذلك أن المتعة معتبرة بحال الزوج ، في يساره وإعساره . نص عليه أحمد . وهو وجه لأصحاب الشافعي . والوجه الآخر قالوا : هو معتبر بحال الزوجة ; لأن المهر معتبر بها ، كذلك المتعة القائمة مقامه . ومنهم من قال : يجزئ في المتعة ما يقع عليه الاسم ، كما يجزئ في الصداق ذلك .

ولنا ، قول الله تعالى : { على الموسع قدره وعلى المقتر قدره } وهذا نص في أنها معتبرة بحال الزوج وأنها تختلف ، ولو أجزأ ما يقع عليه الاسم سقط الاختلاف ، ولو اعتبر بحال المرأة لما كان على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ، إذا ثبت هذا فاختلفت الرواية عن أحمد فيها ; فروي عنه مثل قول الخرقي ، أعلاها خادم ، هذا إذا كان موسرا ، وإن كان فقيرا متعها كسوتها درعا وخمارا وثوبا تصلي فيه .

ونحو ذلك قال ابن عباس ، والزهري ، والحسن قال ابن عباس : أعلى المتعة الخادم ثم دون ذلك النفقة ، ثم دون ذلك الكسوة . ونحو ما ذكرنا في أدناها قال الثوري ، والأوزاعي ، وعطاء ، ومالك ، وأبو عبيد ، وأصحاب الرأي ، قالوا : درع وخمار وملحفة . والرواية الثانية : يرجع في تقديرها إلى الحاكم . وهو أحد قولي الشافعي ; لأنه أمر لم يرد الشرع بتقديره ، وهو مما يحتاج إلى الاجتهاد ، فيجب الرجوع فيه إلى الحاكم ، كسائر المجتهدات .

وذكر القاضي في " المجرد " رواية ثالثة : أنها مقدرة بما يصادف نصف مهر المثل ; لأنها بدل عنه . فيجب أن تتقدر به . وهذه الرواية تضعف لوجهين ; أحدهما ، أن نص الكتاب يقتضي تقديرها بحال الزوج ، وتقديرها بنصف مهر المثل يوجب اعتبارها بحال المرأة ; لأن مهرها معتبر بها لا بزوجها . الثاني ، أنا لو قدرناها بنصف المهر لكانت نصف المهر ، إذ ليس المهر معينا في شيء ولا المتعة . ووجه قول الخرقي قول ابن عباس : أعلى المتعة الخادم ، ثم دون ذلك الكسوة . رواه أبو حفص بإسناده . وقدرها بكسوة تجوز لها الصلاة فيها ; لأن الكسوة الواجبة بمطلق الشرع تتقدر بذلك ، كالكسوة في الكفارة ، والسترة في الصلاة .

وروى كنيف السلمي ، أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته تماضر الكلبية ، فحممها بجارية سوداء . يعني متعها . قال إبراهيم النخعي : العرب تسمي المتعة التحميم . وهذا فيما إذا تشاحا في قدرها ، فإن سمح لها بزيادة على الخادم ، أو [ ص: 187 ] رضيت بأقل من الكسوة ، جاز ; لأن الحق لهما ، لا يخرج عنهما ، وهو مما يجوز بذله ، فجاز ما اتفقا عليه ، كالصداق . وقد روي عن الحسن بن علي رضي الله عنهما ، أنه متع امرأة بعشرة آلاف درهم ، فقالت : متاع قليل من حبيب مفارق .

التالي السابق


الخدمات العلمية