صفحة جزء
( 5638 ) مسألة ; قال : ( وإذا تزوجها على صداقين سر وعلانية ، أخذ بالعلانية ، وإن كان السر قد انعقد به النكاح ) ظاهر كلام الخرقي ، أن الرجل إذا تزوج المرأة في السر بمهر ، ثم عقد عليها في العلانية بمهر آخر ، أنه يؤخذ بالعلانية . وهذا ظاهر قول أحمد في رواية الأثرم . وهو قول الشعبي ، وابن أبي ليلى ، والثوري ، وأبي عبيد وقال القاضي : الواجب المهر الذي انعقد به النكاح سرا كان أو علانية .

وحمل كلام أحمد ، والخرقي على أن المرأة لم تقر بنكاح السر فثبت مهر العلانية ; لأنه الذي ثبت به النكاح . وهذا قول سعيد بن عبد العزيز ، وأبي حنيفة ، والأوزاعي ، والشافعي . ونحوه عن شريح ، والحسن ، والزهري ، والحكم بن عتيبة ، ومالك ، وإسحاق ; لأن العلانية ليس بعقد ، ولا يتعلق به وجوب شيء . ووجه قول الخرقي ، أنه إذا عقد في الظاهر عقدا بعد عقد السر ، فقد وجد منه بذل الزائد على مهر السر ، فيجب ذلك عليه ، كما لو زادها على صداقها . ومقتضى ما ذكرنا من التعليل لكلام الخرقي ، أنه إن كان مهر السر أكثر من العلانية ، وجب مهر السر ; لأنه وجب عليه بعقده ، ولم تسقطه العلانية فبقي وجوبه ، [ ص: 202 ] فأما إن اتفقا على أن المهر ألف وأنهما يعقدان العقد بألفين تجملا ، ففعلا ذلك فالمهر ألفان ; لأنها تسمية صحيحة في عقد صحيح ، فوجبت ، كما لو لم يتقدمها اتفاق على خلافها .

وهذا أيضا قول القاضي ، ومذهب الشافعي ولا فرق فيما ذكرناه بين أن يكون السر من جنس العلانية ، نحو أن يكون السر ألفا والعلانية ألفين ، أو يكونا من جنسين ، مثل أن يكون السر مائة درهم والعلانية مائة دينار . وإذا قلنا : إن الواجب مهر العلانية . فيستحب للمرأة أن تفي للزوج بما وعدت به ، وشرطته على نفسها ، من أنها لا تأخذ إلا مهر السر . قال أحمد ، في رواية ابن منصور : إذا تزوج امرأة في السر بمهر ، وأعلنوا مهرا ، ينبغي لهم أن يفوا ، ويؤخذ بالعلانية .

فاستحب الوفاء بالشرط ، لئلا يحصل منهم غرور ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { المؤمنون على شروطهم . } وعلى قول القاضي ، إذا ادعى الزوج عقدا في السر انعقد به النكاح ، فيه مهر قليل ، فصدقته ، فليس لها سواه ، وإن أنكرته ، فالقول قولها ; لأنها منكرة . وإن أقرت به ، وقالت : هما مهران في نكاحين . وقال : بل نكاح واحد ، أسررناه ثم أظهرناه .

فالقول قولها ; لأن الظاهر أن الثاني عقد صحيح يفيد حكما كالأول ، ولها المهر في العقد الثاني ، ونصف المهر في العقد الأول ، إن ادعى سقوط نصفه بالطلاق قبل الدخول وإن أصر على الإنكار ، سئلت المرأة فإن ادعت أنه دخل بها في النكاح الأول ، ثم طلقها طلاقا بائنا ، ثم نكحها نكاحا ثانيا ، حلفت على ذلك واستحقت ، وإن أقرت بما يسقط نصف المهر أو جميعه ، لزمها ما أقرت به .

التالي السابق


الخدمات العلمية