صفحة جزء
( 5644 ) فصل : الزيادة في الصداق بعد العقد تلحق به . نص عليه أحمد ، قال ، في الرجل يتزوج المرأة [ ص: 205 ] على مهر ، فلما رآها زادها في مهرها : فهو جائز ، فإن طلقها قبل أن يدخل بها ، فلها نصف الصداق الأول ، والذي زادها . وهذا قول أبي حنيفة وقال الشافعي : لا تلحق الزيادة بالعقد ، فإن زادها فهي هبة تفتقر إلى شروط الهبة ، وإن طلقها بعد هبتها ، لم يرجع بشيء من الزيادة . قال القاضي : وعن أحمد مثل ذلك ، فإنه قال : إذا زوج رجل أمته عبده ، ثم أعتقهما جميعا ، فقالت الأمة : زدني في مهري حتى أختارك فالزيادة للأمة ، ولو لحقت بالعقد ، كانت الزيادة للسيد .

وليس هذا دليلا على أن الزيادة لا تلحق بالعقد ، فإن معنى لحوق الزيادة بالعقد ، أنها تلزم ويثبت فيها أحكام الصداق ; من التنصيف بالطلاق قبل الدخول وغيره ، وليس معناه أن الملك يثبت فيها قبل وجودها ، وأنها تكون للسيد . واحتج الشافعي بأن الزوج ملك البضع بالمسمى في العقد ، فلم يحصل بالزيادة شيء من المعقود عليه ، فلا تكون عوضا في النكاح ، كما لو وهبها شيئا ، ولأنها زيادة في عوض العقد بعد لزومه ، فلم يلحق به ، كما في البيع .

ولنا ، قول الله تعالى : { ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة } ولأن ما بعد العقد زمن لفرض المهر ، فكان حالة الزيادة كحالة العقد وبهذا فارق البيع والإجارة وقولهم : إنه لم يملك به شيئا من المعقود عليه . قلنا : هذا يبطل بجميع الصداق فإن الملك ما حصل به ، ولهذا صح خلوه عنه ، وهذا ألزم عندهم ، فإنهم قالوا : مهر المفوضة إنما وجب بفرضه لا بالعقد ، وقد ملك البضع بدونه .

ثم إنه يجوز أن يستند ثبوت هذه الزيادة إلى حالة العقد ، فيكون كأنه ثبت بهما جميعا ، كما قالوا في مهر المفوضة إذا فرضه ، وكما قلنا جميعا فيما إذا فرض لها أكثر من مهر مثلها . إذا ثبت هذا ، فإن معنى لحوق الزيادة بالعقد أنه يثبت لها حكم المسمى في العقد ، في أنها تتنصف بالطلاق ، ولا تفتقر إلى شروط الهبة ، وليس معناه أن الملك يثبت فيها من حين العقد ، ولأنها تثبت لمن كان الصداق له ; لأن الملك لا يجوز تقدمه على سببه ، ولا وجوده في حال عدمه ، وإنما يثبت الملك بعد سببه من حينئذ . وقال القاضي : في الزيادة وجه آخر ، أنها تسقط بالطلاق .

ولا أعرف وجه ذلك ، فإن من جعلها صداقا ، جعلها تستقر بالدخول وتتنصف بالطلاق قبله ، وتسقط كلها إذا جاء الفسخ من قبل المرأة ، ومن جعلها هبة جعلها جميعها للمرأة ، لا تتنصف بطلاقها ، إلا أن تكون غير مقبوضة ، فإنها تسقط لكونها عدة غير لازمة ، فإن كان القاضي أراد ذلك فهذا وجه ، وإلا فلا .

التالي السابق


الخدمات العلمية