صفحة جزء
( 5682 ) مسألة : قال : ( ودعوة الختان لا يعرفها المتقدمون ، ولا على من دعي إليها أن يجيب ، وإنما وردت السنة في إجابة من دعي إلى وليمة تزويج ) يعني بالمتقدمين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اللذين يقتدى بهم ; وذلك لما روي { أن عثمان بن أبي العاص ، دعي إلى ختان ، فأبى أن يجيب ، فقيل له ؟ فقال : إنا كنا لا نأتي الختان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ندعى إليه . } رواه الإمام أحمد بإسناده ، إذا ثبت هذا ، فحكم الدعوة للختان وسائر الدعوات غير الوليمة أنها مستحبة ; لما فيها من إطعام الطعام ، والإجابة إليها مستحبة غير واجبة .

وهذا قول مالك ، والشافعي ، وأبي حنيفة وأصحابه . وقال العنبري : تجب إجابة كل دعوة ; لعموم الأمر به . فإن ابن عمر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا دعا أحدكم [ ص: 219 ] أخاه فليجبه ، عرسا كان أو غير عرس } . أخرجه أبو داود .

ولنا ، أن الصحيح من السنة إنما ورد في إجابة الداعي إلى الوليمة ، وهي الطعام في العرس خاصة ، كذلك قال الخليل ، وثعلب ، وغيرهما من أهل اللغة . وقد صرح بذلك في بعض روايات ابن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب } . رواه ابن ماجه ، وقال عثمان بن أبي العاص : { كنا لا نأتي الختان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ندعى إليه . } ولأن التزويج يستحب إعلانه ، وكثرة الجمع فيه ، والتصويت ، والضرب بالدف ، بخلاف غيره .

فأما الأمر بالإجابة إلى غيره ، فمحمول على الاستحباب ; بدليل أنه لم يخص به دعوة ذات سبب دون غيرها ، وإجابة كل داع مستحبة لهذا الخبر ، ولأن فيه جبر قلب الداعي ، وتطييب قلبه ، وقد دعي أحمد إلى ختان ، فأجاب وأكل . فأما الدعوة في حق فاعلها ، فليست لها فضيلة تختص بها ; لعدم ورود الشرع بها ، ولكن هي بمنزلة الدعوة لغير سبب حادث ، فإذا قصد فاعلها شكر نعمة الله عليه ، وإطعام إخوانه ، وبذل طعامه ، فله أجر ذلك ، إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية