صفحة جزء
( 5749 ) مسألة ; قال : ( ولا يستحب له أن يأخذ أكثر مما أعطاها ) هذا القول يدل على صحة الخلع بأكثر من الصداق ، وأنهما إذا تراضيا على الخلع بشيء صح . وهذا قول أكثر أهل العلم . روي ذلك عن عثمان وابن عمر وابن عباس وعكرمة ومجاهد وقبيصة بن ذؤيب والنخعي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي . ويروى عن ابن عباس وابن عمر أنهما قالا : لو اختلعت امرأة من زوجها بميراثها ، وعقاص رأسها كان ذلك جائزا .

وقال عطاء وطاوس والزهري وعمرو بن شعيب : لا يأخذ أكثر مما أعطاها . وروي ذلك عن علي بإسناد منقطع . واختاره أبو بكر قال : فإن فعل رد الزيادة . وعن سعيد بن المسيب قال : ما أرى أن يأخذ كل مالها ، ولكن ليدع لها شيئا . واحتجوا بما روي { أن جميلة بنت سلول أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : والله ما أعيب على ثابت في دين ولا خلق ، ولكن أكره الكفر في الإسلام ، لا أطيقه بغضا . فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : أتردين عليه حديقته ؟ قالت : نعم . فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ منها حديقته ، ولا يزداد . } رواه ابن ماجه .

ولأنه بدل في مقابلة فسخ ، فلم يزد على قدره في ابتداء العقد ، كالعوض في الإقالة . ولنا ، قول الله تعالى { فلا جناح عليهما فيما افتدت به } . ولأنه قول من سمينا من الصحابة ، قالت الربيع بنت معوذ : اختلعت من زوجي بما دون عقاص رأسي ، فأجاز ذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه . ومثل هذا يشتهر ، فلم ينكر ، فيكون إجماعا ولم يصح عن علي خلافه .

فإذا ثبت هذا فإنه لا يستحب له أن يأخذ أكثر مما أعطاها . وبذلك قال سعيد بن المسيب والحسن والشعبي والحكم وحماد وإسحاق وأبو عبيد فإن فعل جاز مع الكراهية ، ولم يكرهه أبو حنيفة ومالك والشافعي قال مالك لم أزل أسمع إجازة الفداء بأكثر من الصداق .

ولنا ، حديث جميلة . وروي عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه كره أن يأخذ من المختلعة أكثر مما أعطاها . } رواه أبو حفص بإسناده . وهو صريح في الحكم ، فنجمع بين الآية والخبر ، فنقول : الآية دالة على الجواز ، والنهي عن الزيادة للكراهية . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية