صفحة جزء
( 5811 ) فصل : إذا اختلفا في الخلع ، فادعاه الزوج ، وأنكرته المرأة بانت بإقراره ، ولم يستحق عليها عوضا ; لأنها منكرة ، وعليها اليمين ، وإن ادعته المرأة ، وأنكره الزوج ، فالقول قوله لذلك ، ولا يستحق عليها عوضا لأنه لا يدعيه ، فإن اتفقا على الخلع ، واختلفا في قدر العوض ، أو جنسه ، أو حلوله ، أو تأجيله ، أو صفته ، فالقول قول المرأة . حكاه أبو بكر نصا عن أحمد . وهو قول مالك ، وأبي حنيفة وذكر القاضي رواية أخرى عن أحمد ، أن القول قول الزوج ; لأن البضع يخرج من ملكه ، فكان القول قوله في عوضه ، كالسيد مع مكاتبته .

وقال الشافعي : يتحالفان لأنه اختلاف في عوض العقد ، فيتحالفان فيه ، كالمتبايعين إذا اختلفا في الثمن . ولنا ، أنه أحد نوعي الخلع ، فكان القول قول المرأة ، كالطلاق على مال إذا اختلفا في قدره ، ولأن المرأة منكرة للزيادة في القدر أو الصفة ، فكان القول قولها ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { اليمين على المدعى عليه } . وأما التحالف في البيع ، فيحتاج إليه لفسخ العقد ، والخلع في نفسه فسخ ، فلا يفسخ .

وإن قال : خالعتك بألف . فقالت : إنما خالعك غيري بألف في ذمته . بانت ، والقول قولها في نفي العوض عنها ; لأنها منكرة له . وإن قالت : نعم ، ولكن ضمنها لك أبي أو غيره . لزمها الألف ، لإقرارها به ، والضمان لا يبرئ ذمتها وكذلك إن قالت : خالعتك على ألف يزنه لك أبي . لأنها اعترفت بالألف وادعت على أبيها دعوى ، فقبل قولها على نفسها دون غيرها . وإن قال : سألتني طلقة بألف فقالت : بل سألتك ثلاثا بألف ، فطلقتني واحدة . بانت بإقرار ، والقول قولها في سقوط العوض . وعند أكثر الفقهاء ، يلزمها ثلث الألف . بناء على أصلهم فيما إذا قالت : طلقني ثلاثا بألف . فطلقها واحدة ، أنه يلزمها ثلث الألف ، وإن خالعها على ألف ، فادعى أنها دنانير ، وقالت : بل هي دراهم . فالقول قولها ; لما ذكرنا في أول الفصل . ولو قال أحدهما : كانت دراهم قراضية . وقال الآخر : مطلقة . فالقول قولها ، إلا على الرواية التي حكاها القاضي ، فإن القول قول الزوج في هاتين المسألتين . وإن اتفقا على الإطلاق لزم الألف من غالب نقد البلد .

وإن اتفقا على أنهما أرادا دراهم قراضية ، لزمها ما اتفقت إرادتهما عليه . وإن اختلفا في الإرادة ، كان حكمها حكم المطلقة ، يرجع إلى غالب نقد البلد . وقال القاضي : إذا اختلفا في الإرادة ، وجب المهر المسمى في العقد ; لأن اختلافهما يجعل البدل مجهولا ، فيجب المسمى في النكاح . والأول أصح ; لأنهما لو أطلقا ، لصحت التسمية ، ووجب الألف من غالب نقد البلد ، ولم يكن إطلاقهما جهالة تمنع صحة العوض ، فكذلك إذا اختلفا ، ولأنه يجيز العوض المجهول إذا لم تكن جهالته تزيد على جهالة مهر المثل ، كعبد مطلق وبعير وفرس ، والجهالة ها هنا أقل ، فالصحة أولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية