صفحة جزء
( 604 ) مسألة : قال أبو القاسم ( وإذا اشتد الخوف وهو مطلوب ، ابتدأ الصلاة إلى القبلة ، وصلى إلى غيرها راجلا وراكبا ، يومئ إيماء على قدر الطاقة ، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه ) وجملة ذلك أنه إذا اشتد الخوف ، بحيث لا يتمكن من الصلاة إلى القبلة ، أو احتاج إلى المشي ، أو عجز عن بعض أركان الصلاة ; إما لهرب مباح من عدو ، أو سيل ، أو سبع ، أو حريق ، أو نحو ذلك ، مما لا يمكنه التخلص منه إلا بالهرب ، أو المسابقة ، أو التحام الحرب ، والحاجة إلى الكر والفر والطعن والضرب والمطاردة ، فله أن يصلي على حسب حاله ، راجلا وراكبا إلى القبلة - إن أمكن - ، أو إلى غيرها إن لم يمكن .

وإذا عجز عن الركوع والسجود ، أومأ بهما ، وينحني إلى السجود أكثر من الركوع على قدر طاقته ، وإن عجز عن الإيماء ، سقط ، وإن عجز عن القيام أو القعود أو غيرهما ، سقط ، وإن احتاج إلى الطعن والضرب والكر والفر ، فعل ذلك . ولا يؤخر الصلاة عن وقتها ; لقول الله تعالى : { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } . وروى مالك ، عن نافع ، عن { ابن عمر ، قال : فإن كان خوفا هو أشد من ذلك صلوا رجالا ، قياما على أقدامهم ، أو ركبانا ، مستقبلي القبلة وغير مستقبليها } . قال نافع : لا أرى ابن عمر حدثه إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وإذا أمكن افتتاح الصلاة إلى القبلة ، فهل يجب ذلك ؟ قال أبو بكر : فيه روايتان : إحداهما ، لا يجب ; لأنه جزء من أجزاء الصلاة ، فلم يجب الاستقبال فيه ، كبقية أجزائها . قال : وبه أقول [ ص: 259 ]

والثانية ، يجب ; لما روى أنس بن مالك { ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كان في السفر ، فأراد أن يصلي على راحلته ، استقبل القبلة ، ثم كبر ، ثم صلى حيث توجهت به } . رواه الدارقطني . ولأنه أمكنه ابتداء الصلاة مستقبلا فلم يجز بدونه ، كما لو أمكنه ذلك في ركعة كاملة . وتمام شرح هذه الصلاة نذكره في باب صلاة الخوف ، إن شاء الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية