صفحة جزء
( 5820 ) فصل : وإن طلق ثلاثا بكلمة واحدة ، وقع الثلاث ، وحرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره ، ولا فرق بين قبل الدخول وبعده . روي ذلك عن ابن عباس ، وأبي هريرة ، وابن عمر ، وعبد الله بن عمرو ، وابن مسعود ، وأنس . وهو قول أكثر أهل العلم من التابعين والأئمة بعدهم . وكان عطاء ، وطاوس ، وسعيد بن جبير ، وأبو الشعثاء ، وعمرو بن دينار ، يقولون : من طلق البكر ثلاثة فهي واحدة . وروى طاوس عن ابن عباس ، قال { : كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر ، طلاق الثلاث واحدة } . رواه أبو داود

وروى سعيد بن جبير ، وعمرو بن دينار ، ومجاهد ، ومالك بن الحارث ، عن ابن عباس ، خلاف رواية طاوس ، أخرجه أيضا أبو داود . وأفتى ابن عباس بخلاف ما رواه عنه طاوس . وقد ذكرنا حديث ابن عمر : أرأيت لو طلقتها ثلاثا . وروى الدارقطني ، بإسناده عن عبادة بن الصامت ، قال : { طلق بعض آبائي امرأته ألفا ، فانطلق بنوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، إن أبانا طلق أمنا ألفا ، فهل له مخرج ؟ فقال : إن أباكم لم يتق الله فيجعل له من أمره مخرجا ، بانت منه بثلاث على غير السنة ، وتسعمائة وسبعة وتسعون إثما في عنقه } .

ولأن النكاح ملك يصح إزالته متفرقا ، فصح مجتمعا ، كسائر الأملاك . فأما حديث ابن عباس ، فقد صحت الرواية عنه بخلافه ، وأفتى أيضا بخلافه . قال الأثرم : سألت أبا عبد الله ، عن حديث ابن عباس ، بأي شيء تدفعه ؟ فقال : أدفعه برواية الناس عن ابن عباس من وجوه خلافه . ثم ذكر عن عدة ، عن ابن عباس من وجوه ، أنها ثلاث . وقيل : معنى حديث ابن عباس ، أن الناس كانوا يطلقون واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، وإلا فلا يجوز أن يخالف عمر ما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، ولا يسوغ لابن عباس أن يروي هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويفتي بخلافه .

التالي السابق


الخدمات العلمية