صفحة جزء
( 5864 ) فصل : فإن قال : أنا منك طالق . أو جعل أمر امرأته بيدها ، فقالت : أنت طالق . لم تطلق زوجته . نص عليه ، في رواية الأثرم . وهو قول ابن عباس ، والثوري ، وأبي عبيد ، وأصحاب الرأي ، وابن المنذر . وروي ذلك عن عثمان بن عفان رضي الله عنه . وقال مالك ، والشافعي : تطلق إذا نوى به الطلاق وروي نحو ذلك عن عمر ، وابن مسعود ، وعطاء ، والنخعي ، والقاسم ، وإسحاق ; لأن الطلاق إزالة النكاح ، وهو مشترك بينهما ، فإذا صح في أحدهما صح في الآخر . ولا خلاف في أنه لا يقع به الطلاق من غير نية .

ولنا ، أنه محل لا يقع الطلاق بإضافته إليه من غير نية ، فلم يقع وإن نوى ، كالأجنبي ، ولأنه لو قال : أنا طالق ولم [ ص: 303 ] يقل : منك . لم يقع ، ولو كان محلا للطلاق لوقع بذلك ، كالمرأة ، ولأن الرجل مالك في النكاح ، والمرأة مملوكة ، فلم يقع إزالة الملك بإضافة الإزالة إلى المالك ، كالعتق ، ويدل على هذا أن الرجل لا يوصف بأنه مطلق ، بخلاف المرأة . وجاء رجل إلى ابن عباس فقال : ملكت امرأتي أمرها ، فطلقتني ثلاثا . فقال ابن عباس : خطأ الله نواها ، إن الطلاق لك وليس لها عليك . رواه أبو عبيد ، والأثرم ، واحتج به أحمد ( 5865 ) فصل : وإن قال : أنا منك بائن . أو بريء . فقد توقف أحمد فيه .

قال أبو عبد الله بن حامد : يتخرج على وجهين ; أحدهما ، لا يقع ; لأن الرجل محل لا يقع الطلاق بإضافة صريحه إليه ، فلم يقع بإضافة كنايته إليه ، كالأجنبي . والثاني ، يقع ; لأن لفظ البينونة والبراءة يوصف بهما كل واحد من الزوجين ، يقال : بان منها ، وبانت منه . وبرئ منها ، وبرئت منه . وكذلك لفظ الفرقة يضاف إليهما ، قال الله تعالى : { وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته } . وقال تعالى : { يفرقون به بين المرء وزوجه } . ويقال : فارقته المرأة وفارقها . ولا يقال : طلقته . ولا سرحته . ولا تطلقا . ولا تسرحا . وإن قال : أنا بائن . ولم يقل : منك . فذكر القاضي فيما إذا قال لها : أمرك بيدك . فقالت : أنت بائن . ولم تقل : مني . أنه لا يقع ، وجها واحدا . وإن قالت : أنا بائن . ونوت ، وقع . وإن قالت : أنت مني بائن . فعلى الوجهين ، فيخرج هاهنا مثل ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية