صفحة جزء
( 5951 ) فصل : والحروف المستعملة للشرط وتعليق الطلاق بها ستة ; إن ، وإذا ، ومتى ، ومن ، وأي وكلما . فمتى علق الطلاق بإيحاد فعل بواحد منها كان على التراخي ، مثل قوله : إن خرجت ، وإذا خرجت ، ومتى خرجت ، وأي حين ، وأي زمان ، وأي وقت خرجت ، وكلما خرجت ، ومن خرجت منكن ، وأيتكن خرجت فهي طالق . فمتى وجد الخروج طلقت . وإن مات أحدهما ، سقطت اليمين . فأما إن علق الطلاق بالنفي بواحد من هذه الحروف ، كانت " إن " على التراخي ، ومتى ، وأي ، ومن ، وكلما ، على الفور ; لأن قوله : متى دخلت فأنت طالق . يقتضي أي زمان دخلت فأنت طالق . وذلك شائع في الزمان كله ، فأي زمن دخلت وجدت الصفة . وإذا قال : متى لم تدخلي فأنت طالق . فإذا مضى عقيب اليمين زمن لم تدخل فيه ، وجدت الصفة ; لأنها اسم لوقت الفعل ، فيقدر به ، ولهذا يصح السؤال به ، فيقال : متى دخلت ؟ أي : أي وقت دخلت .

وأما " إن " فلا تقتضي وقتا ، فقوله : إن لم تدخلي . لا يقتضي وقتا ، إلا ضرورة أن الفعل لا يقع إلا في وقت ، فهي مطلقة في الزمان كله . وأما إذا ، ففيها وجهان ; أحدهما ، هي على التراخي . وهو قول أبي حنيفة . ونصره القاضي ; لأنها تستعمل شرطا بمعنى إن ، قال الشاعر :

استغن ما أغناك ربك بالغنى وإذا تصبك خصاصة فتجمل

[ ص: 343 ] فجزم بها كما يجزم بأن ، ولأنها تستعمل بمعنى متى وإن ، وإذا احتملت الأمرين ، فاليقين بقاء النكاح ، فلا يزول بالاحتمال . والوجه الآخر أنها على الفور . وهو قول أبي يوسف ، ومحمد . وهو المنصوص عن الشافعي ; لأنها اسم لزمن مستقبل ، فتكون كمتى .

وأما المجازاة بها فلا تخرجها عن موضوعها ، فإن متى يجازى بها ألا ترى إلى قول الشاعر :

متى تأته تعشو إلى ضوء ناره     تجد خير نار عندها خير موقد

و " من " يجازى بها أيضا ، وكذلك " أي " وسائر الحروف ، وليس في هذه الحروف ما يقتضي التكرار إلا كلما ، وذكر أبو بكر في " متى " أنها تقتضي التكرار أيضا ; لأنها تستعمل للتكرار ، بدليل قوله :

متى تأته تعشو إلى ضوء ناره     تجد خير نار عندها خير موقد

أي : في كل وقت . ولأنها تستعمل في الشرط والجزاء ، ومتى وجد الشرط ترتب عليه جزاؤه . والصحيح أنها لا تقتضيه ; لأنها اسم زمن بمعنى أي وقت ، وبمعنى إذا ، فلا تقتضي ما لا يقتضيانه ، وكونها تستعمل للتكرار في بعض أحيانها ، لا يمنع استعمالها في غيره ، مثل إذا وأي وقت ، فإنهما يستعملان في الأمرين ، قال الله تعالى : { وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره . وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم } . { وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها } . وقال الشاعر :

قوم إذا الشر أبدى ناجذيه     لهم ساروا إليه زرافات ووحدانا

وكذلك أي وقت وأي زمان ، فإنهما يستعملان للتكرار ، وسائر الحروف يجازى بها ، إلا أنها لما كانت تستعمل للتكرار وغيره ، لا تحمل على التكرار إلا بدليل ، كذلك متى .

التالي السابق


الخدمات العلمية