صفحة جزء
[ ص: 347 ] ( 5956 ) فصول في تعليق الطلاق : إذا قال لامرأته : إن حضت فأنت طالق ، فقالت : قد حضت . فصدقها ، طلقت ، وإن كذبها ، ففيه روايتان ; إحداهما ، يقبل قولها ; لأنها أمينة على نفسها . وهذا قول أبي حنيفة ، والشافعي . وهو ظاهر المذهب ; لأن الله تعالى قال : { ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن } . قيل : هو الحيض والحمل . ولولا أن قولها فيه مقبول ، لما حرم عليها كتمانه ، وصار هذا كما قال الله تعالى : {ولا تكتموا الشهادة } . لما حرم كتمانها دل على قبولها ، كذا هاهنا . ولأنه معنى فيها لا يعرف إلا من جهتها ، فوجب الرجوع إلى قولها فيه ، كقضاء عدتها . والرواية الثانية ، لا يقبل قولها ، ويختبرها النساء ، بإدخال قطنة في الفرج في الزمان الذي ادعت الحيض فيه ، فإن ظهر الدم فهي حائض ، وإلا فلا .

قال أحمد ، في رواية مهنا ، في رجل قال لامرأته : إذا حضت فأنت طالق وعبدي حر . فقالت : قد حضت : ينظر إليها النساء ، فتعطى قطنة وتخرجها ، فإن خرج الدم فهي حائض ، تطلق ويعتق العبد . وقال أبو بكر : وبهذا أقول . وهذا لأن الحيض يمكن التوصل إلى معرفته من غيرها ، فلم يقبل فيه مجرد قولها ، كدخول الدار . والأول المذهب ، ولعل أحمد إنما اعتبر البينة في هذه الرواية من أجل عتق العبد ، فإن قولها إنما يقبل في حق نفسها دون غيرها . وهل يعتبر يمينها إذا قلنا : القول قولها ؟ على وجهين ، بناء على ما إذا ادعت أن زوجها طلقها ، فأنكرها ولا يقبل قولها إلا في حق نفسها خاصة دون غيرها ، من طلاق أخرى ، أو عتق عبد .

نص عليه أحمد ، في رجل قال لامرأته : إذا حضت فأنت طالق وهذه معك . لامرأته الأخرى . قالت : قد حضت . من ساعتها أو بعد ساعة ، تطلق هي ، ولا تطلق هذه حتى تعلم ; لأنها مؤتمنة على نفسها ، ولا يجعل طلاق هذه بيدها . وهذا مذهب الشافعي وغيره ; لأنها مؤتمنة في حق نفسها ، دون غيرها ، فصارت كالمودع يقبل قوله في الرد على المودع دون غيره . ولو قال : قد حضت . فأنكرت . طلقت بإقراره . فإن قال : إن حضت فأنت وضرتك طالقتان . فقالت : قد حضت . فصدقها ، طلقتا بإقراره . وإن كذبها ، طلقت وحدها .

وإن ادعت الضرة أنها قد حاضت ، لم يقبل ; لأن معرفتها بحيض غيرها كمعرفة الزوج به ، وإنما اؤتمنت على نفسها في حيضها . وإن قال : قد حضت . فأنكرت ، طلقتا بإقراره . ولو قال لامرأتيه : إن حضتما فأنتما طالقتان . فقالتا : قد حضنا . فصدقهما ، طلقتا ، وإن كذبهما ، لم تطلق واحدة منهما ; لأن طلاق كل واحدة منهما معلق على شرطين ، حيضها ، وحيض ضرتها ، ولا يقبل قول ضرتها عليها ، فلم يوجد الشرطان . وإن صدق إحداهما ، وكذب الأخرى ، طلقت المكذبة وحدها ; لأن قولها مقبول في حقها . وقد صدق الزوج ضرتها ، فوجد الشرطان في طلاقها ، ولم تطلق المصدقة ; لأن قول ضرتها غير مقبول في حقها ، وما صدقها الزوج ، فلم يوجد شرط طلاقها .

التالي السابق


الخدمات العلمية