صفحة جزء
( 5962 ) فصل : وإن قال لامرأتيه : إذا حضتما حيضة واحدة ، فأنتما طالقتان . لم تطلق واحدة منهما حتى تحيض كل واحدة منهما حيضة واحدة ، ويكون التقدير : إن حاضت كل واحدة منكما حيضة واحدة ، فأنتما طالقتان . كقول الله تعالى : { فاجلدوهم ثمانين جلدة } . أي : اجلدوا كل واحد منهم ثمانين ويحتمل أن يتعلق الطلاق بحيض إحداهما حيضة ; لأنه لما تعذر وجود الفعل منهما ، وجبت إضافته إلى إحداهما ، كقوله تعالى { : يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان } . وإنما يخرج من أحدهما . وقال القاضي : يلغو قوله : حيضة واحدة ; لأن حيضة واحدة من امرأتين محال ، فيبقى كأنه قال : إن حضتما فأنتما طالقتان .

وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعي ، والوجه الآخر ، لا تنعقد هذه الصفة ; لأنها مستحيلة ، فتصير كتعليق الطلاق بالمستحيلات . والوجه الأول أولى ; لأن فيه تصحيح كلام المكلف بحمله على محمل سائغ ، وتبعيد لوقوع الطلاق ، واليقين بقاء النكاح ، فلا يزول حتى يوجد ما يقع به الطلاق يقينا ، وغير هذا الوجه لا يحصل به اليقين . فإن أراد بكلامه أحد هذه الوجوه ، حمل عليه ، وإذا ادعى ذلك ، قبل منه . وإذا قال : أردت أن تكون الحيضة الواحدة منهما ، فهو تعليق للطلاق بمستحيل ، فيحتمل أن يلغو قوله : حيضة . ويحتمل أن لا يقع الطلاق ; لأن هذه الصفة لا توجد ، فلا يوجد ما علق عليها ، ويحتمل أن يقع الطلاق في الحال ، ويلغو الشرط ، بناء على ما ذكرناه في تعليق الطلاق على المستحيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية