صفحة جزء
( 6073 ) فصل : فإن تزوجها مملوك ، ووطئها ، أحلها . وبذلك قال عطاء ، ومالك ، والشافعي ، وأصحاب الرأي . ولا نعلم لهم مخالفا ، ولأنه دخل في عموم النص ، ووطؤه كوطء الحر . وإن تزوجها مراهق ، فوطئها ، أحلها في قولهم ، إلا مالكا وأبا عبيد ، فإنهما قالا : لا يحلها . ويروى ذلك عن الحسن ; لأنه وطء من غير بالغ ، فأشبه وطء الصغير . ولنا ، ظاهر النص ، وأنه وطء من زوج في نكاح صحيح ، فأشبه البالغ ، ويخالف الصغير ; فإنه لا يمكن الوطء منه ، ولا تذاق عسيلته . قال القاضي : ويشترط أن يكون له اثنتا عشرة سنة ; لأن من دون ذلك لا يمكنه المجامعة . ولا معنى لهذا ; فإن الخلاف في المجامع ، ومتى أمكنه الجماع ، فقد وجد منه المقصود فلا معنى لاعتبار سن ما ورد الشرع باعتبارها ، وتقديره بمجرد الرأي والتحكم .

وإن كانت ذمية ، فوطئها زوجها الذمي ، أحلها لمطلقها المسلم . نص عليه أحمد . وقال : هو زوج ، وبه تجب الملاعنة والقسم . وبه قال الحسن ، والزهري ، والثوري ، والشافعي ، وأبو عبيد ، وأصحاب الرأي وابن المنذر . وقال ربيعة ، ومالك : لا يحلها . ولنا ، ظاهر الآية ، ولأنه وطء من زوج في نكاح صحيح تام ، أشبه وطء المسلم . وإن كانا مجنونين ، أو أحدهما ، فوطئها ، أحلها وقال أبو عبد الله بن حامد : لا يحلها ; لأنه لا يذوق العسيلة .

ولنا ، ظاهر الآية ، ولأنه وطء مباح في نكاح صحيح ، أشبه العاقل . وقوله : لا يذوق العسيلة . لا يصح ، فإن [ ص: 400 ] الجنون إنما هو تغطية العقل . وليس العقل شرطا في الشهوة وحصول اللذة ، بدليل البهائم ، لكن إن كان المجنون ذاهب الحس ، كالمصروع ، والمغمى عليه ، لم يحصل الحل بوطئه ، ولا بوطء مجنونة في هذه الحال ; لأنه لا يذوق العسيلة ولا تحصل له لذة . ولعل ابن حامد إنما أراد المجنون الذي هذه حاله ، فلا يكون هاهنا اختلاف ولو وطئ مغمى عليها ، أو نائمة لا تحس بوطئه ، فينبغي أن لا تحل بهذا ; لما ذكرناه . وحكاه ابن المنذر . ويحتمل حصول الحل في ذلك كله ، أخذا من عموم النص . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية