صفحة جزء
( 637 ) فصل : ويستحب أن يقوم إلى الصلاة عند قول المؤذن : قد قامت الصلاة . وبهذا قال مالك . قال ابن المنذر : على هذا أهل الحرمين . وقال الشافعي : يقوم إذا فرغ المؤذن من الإقامة . وكان عمر بن عبد العزيز ، ومحمد بن كعب ، وسالم ، وأبو قلابة ، والزهري ، وعطاء ، يقومون في أول بدوة من الإقامة . وقال أبو حنيفة : يقوم إذا قال : حي على الصلاة ، فإذا قال : قد قامت الصلاة . كبر . وكان أصحاب عبد الله يكبرون إذا قال المؤذن : قد قامت الصلاة .

وبه قال سويد بن غفلة ، والنخعي ، واحتجوا بقول بلال : لا تسبقني بآمين . فدل على أنه يكبر قبل فراغه . ولا يستحب عندنا أن يكبر إلا بعد فراغه من الإقامة ، وهو قول الحسن ، ويحيى بن وثاب ، وإسحاق ، وأبي يوسف ، والشافعي ، وعليه جل الأئمة في الأمصار .

وإنما قلنا : إنه يقوم عند قوله : قد قامت الصلاة ; لأن هذا خبر بمعنى الأمر ، ومقصوده الإعلام ليقوموا ، فيستحب المبادرة إلى القيام امتثالا للأمر ، وتحصيلا [ ص: 275 ] للمقصود ، ولا يكبر حتى يفرغ المؤذن ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يكبر بعد فراغه ، دل على ذلك ما روي عنه ، أنه كان يعدل الصفوف بعد إقامة الصلاة ، ويقول في الإقامة مثل قول المؤذن ، فروى أنس ، قال : { أقيمت الصلاة ، فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه ، فقال : أقيموا صفوفكم ، وتراصوا ، فإني أراكم من وراء ظهري } . رواه البخاري .

وعنه قال ، { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة قال هكذا وهكذا ، عن يمينه وشماله : استووا واعتدلوا } . وفيما رواه أبو داود ، عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم { أن بلالا أخذ في الإقامة ، فلما أن قال : قد قامت الصلاة . قال النبي صلى الله عليه وسلم : أقامها الله وأدامها } . وقال في سائر الإقامة كنحو حديث عمر في الأذان ، فأما حديثهم ، فإن بلالا كان يقيم في موضع أذانه ، وإلا فليس بين لفظ الإقامة والفراغ منها ما يفوت بلالا " آمين " ، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . إذا ثبت هذا فإنما يقوم المأمومون إذا كان الإمام في المسجد أو قريبا منه . وإن لم يكن في مقامه .

قال أحمد . في رواية الأثرم : أذهب إلى حديث أبي هريرة : { خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أقمنا الصفوف } . إسناد جيد ; الزهري عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة . وقال في رواية أبي داود ، سمعت أحمد يقول : ينبغي أن تقام الصفوف قبل أن يدخل الإمام ، فلا يحتاج أن يقف . وعن أبي هريرة ، قال : { كانت الصلاة تقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيأخذ الناس مصافهم قبل أن يقوم النبي صلى الله عليه وسلم مقامه } . رواه مسلم .

فإن أقيمت ، والإمام في غير المسجد ، ولم يعلموا قربه ، لم يقوموا ; لما روى أبو قتادة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني } . متفق عليه . وللبخاري : " قد خرجت " ، وخرج علي رضي الله عنه والناس ينتظرونه قياما للصلاة ، فقال : " ما لي أراكم سامدين ؟ " .

التالي السابق


الخدمات العلمية