صفحة جزء
( 6097 ) فصل : وإن طلقها ، ثم راجعها ، ثم طلقها قبل دخوله بها ، ففيه روايتان ; إحداهما ، تبني على ما [ ص: 410 ] مضى من العدة . نقلها الميموني . وهي اختيار أبي بكر ، وقول عطاء ، وأحد قولي الشافعي ; لأنهما طلاقان لم يتخللهما دخول بها ، فكانت العدة من الأول منهما ، كما لو لم يرتجعها ، ولأن الرجعة لم يتصل بها دخول ، فلم يجب بالطلاق منها عدة ، كما لو نكحها ثم طلقها قبل الدخول . والثانية ، تستأنف العدة . نقلها ابن منصور . وهي أصح . وهذا قول طاوس ، وأبي قلابة ، وعمرو بن دينار ، وجابر ، وسعيد بن عبد العزيز ، وإسحاق ، وأبي ثور ، وأبي عبيد ، وأصحاب الرأي ، وابن المنذر .

وقال الثوري : أجمع الفقهاء على هذا . وحكى أبو الخطاب ، عن مالك ، إن قصد الإضرار بها بنت ، وإلا استأنفت ; لأن الله تعالى إنما جعل الرجعة لمن أراد الإصلاح بقوله تعالى : { وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا } . والذي قصد الإضرار لم يقصد الإصلاح . ولنا أنه طلاق في نكاح مدخول بها فيه ، فأوجب عدة كاملة ، كما لو لم يتقدمه طلاق ; وهذا لأن الطلقة الأولى شعثت النكاح ، والرجعة لمت شعثه ، وقطعت عمل الطلاق ، فصار الطلاق الثاني في نكاح غير مشعث مدخول بها فيه ، فأوجب عدة كالأول ، وكما لو ارتدت ثم أسلمت ثم طلقها ، فإنها تستأنف عدة ، كذا هاهنا .

ويفارق الطلاق قبل الرجعة . فإنه جاء بعد طلاق مفض إلى بينونة . فإن راجعها ثم دخل بها ، ثم طلقها ، فإنها تستأنف عدة بغير اختلاف بين أهل العلم ; لأنه بالوطء بعد الرجعة صار كالناكح ابتداء إذا وطئ .

التالي السابق


الخدمات العلمية