صفحة جزء
( 6207 ) فصل : وإن أفطر لسفر مبيح للفطر ، فكلام أحمد يحتمل الأمرين ; وأظهرهما ، أنه لا يقطع التتابع ; فإنه قال في رواية الأثرم : كان السفر غير المرض ، وما ينبغي أن يكون أوكد من رمضان . فظاهر هذا أنه لا يقطع التتابع . وهذا قول الحسن . ويحتمل أن ينقطع به التتابع . وهو قول مالك وأصحاب الرأي . واختلف أصحاب الشافعي ، فمنهم من قال : فيه قولان كالمرض . ومنهم من يقول : ينقطع التتابع ، وجها واحدا ; لأن السفر يحصل باختياره ، فقطع التتابع ، كما لو أفطر لغير عذر .

ووجه الأول ، أنه فطر لعذر مبيح للفطر ، فلم ينقطع به التتابع ، كإفطار المرأة بالحيض ، وفارق الفطر لغير عذر ، فإنه لا يباح . وإن أكل يظن أن الفجر لم يطلع ، وقد كان طلع ، أو أفطر يظن أن الشمس قد غابت ، ولم تغب ، أفطر . ويتخرج في انقطاع التتابع وجهان : أحدهما ، لا ينقطع ; لأنه فطر لعذر . والثاني - يقطع التتابع ; لأنه بفعل أخطأ فيه ، فأشبه ما لو ظن أنه قد أتم الشهرين فبان خلافه . وإن أفطر ناسيا لوجوب التتابع ، أو جاهلا به أو ظنا منه أنه قد أتم الشهرين ، انقطع التتابع ; لأنه أفطر لجهله ، فقطع التتابع ، [ ص: 23 ] كما لو ظن أن الواجب شهر واحد . وإن أكره على الأكل أو الشرب ، بأن أوجر الطعام أو الشراب ، لم يفطر . وإن أكل خوفا ، فقال القاضي : لا يفطر . ولم يذكر غير ذلك .

وفيه وجه آخر ، أنه يفطر . فعلى ذلك هل يقطع التتابع ؟ فيه وجهان أحدهما ، لا يقطعه ; لأنه عذر مبيح للفطر ، فأشبه المرض . والثاني : ينقطع التتابع . وهو مذهب الشافعي ; لأنه أفطر بفعله لعذر نادر .

التالي السابق


الخدمات العلمية