صفحة جزء
( 6262 ) المسألة الثانية ، أنها تحرم عليه باللعان تحريما مؤبدا ، فلا تحل له ، وإن أكذب نفسه ، في ظاهر المذهب . ولا خلاف بين أهل العلم ، في أنه إذا لم يكذب نفسه لا تحل له ، إلا أن يكون قولا شاذا ، وأما إذا أكذب نفسه ، فالذي رواه الجماعة عن أحمد ، أنها لا تحل له أيضا . وجاءت الأخبار عن عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وابن مسعود رضي الله عنهم ، أن المتلاعنين لا يجتمعان أبدا . وبه قال الحسن ، وعطاء ، وجابر بن زيد ، والنخعي ، والزهري ، والحكم ، ومالك ، والثوري ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأبو عبيد ، وأبو ثور ، وأبو يوسف . وعن أحمد رواية أخرى : إن أكذب نفسه ، حلت له ، وعاد فراشه بحاله . وهي رواية شاذة . شذ بها حنبل عن أصحابه . قال أبو بكر : لا نعلم أحدا رواها غيره .

وينبغي أن تحمل هذه الرواية على ما إذا لم يفرق بينهما الحاكم ، فأما مع تفريق الحاكم بينهما ، فلا وجه لبقاء النكاح بحاله ، وقد ذكرنا أن مذهب البتي ، أن اللعان لا يتعلق به فرقة . وعن سعيد بن المسيب : إن أكذب نفسه ، فهو خاطب من الخطاب ، وبه قال أبو حنيفة ، ومحمد بن الحسن ; لأن فرقة اللعان عندهما طلاق . وقال سعيد بن جبير : إن أكذب نفسه ، ردت إليه ما دامت في العدة . [ ص: 55 ] ولنا ما روى سهل بن سعد ، قال : مضت السنة في المتلاعنين أن يفرق بينهما ، ثم لا يجتمعان أبدا . رواه الجوزجاني ، في كتابه بإسناده .

وروي مثل هذا عن الزهري ومالك ، ولأنه تحريم لا يرتفع قبل الحد والتكذيب ، فلم يرتفع بهما ، كتحريم الرضاع .

التالي السابق


الخدمات العلمية