صفحة جزء
( 6281 ) فصل : وإن وطئ رجل امرأة لا زوج لها بشبهة ، فأتت بولد ، لحقه نسبه . وهذا قول الشافعي وأبي حنيفة . وقال القاضي : وجدت بخط أبي بكر ، أنه لا يلحق به ; لأن النسب لا يلحق إلا في نكاح صحيح ، أو فاسد ، أو ملك ، أو شبهة ملك ، ولم يوجد شيء من ذلك ، ولأنه وطء لا يستند إلى عقد ، فلم يلحق الولد فيه بالوطء ، كالزنا . والصحيح في المذهب الأول . قال أحمد : كل من درأت عنه الحد ألحقت به الولد . ولأنه وطء اعتقد الواطئ حله ، فلحق به النسب ، كالوطء في النكاح الفاسد . وفارق وطء الزنا ، فإنه لا يعتقد الحل فيه . ولو تزوج رجلان أختين ، فغلط بهما عند الدخول ، فزفت كل واحدة منهما إلى زوج الأخرى ، فوطئها ، وحملت منه ، لحق الولد بالواطئ ; لأنه وطء يعتقد حله ، فلحق به النسب ، كالوطء في نكاح فاسد وقال أبو بكر : لا يكون الولد للواطئ ، وإنما يكون للزوج . وهذا الذي يقتضيه مذهب أبي حنيفة ، لأن الولد للفراش .

ولنا أن الواطئ انفرد بوطئها فيما يلحق به النسب ، فلحق به كما لو لم تكن ذات زوج ، وكما لو تزوجت امرأة المفقود عند الحكم بوفاته ثم بان حيا ، والخبر مخصوص بهذا ، فنقيس عليه ما كان في معناه . وإن وطئت امرأته أو أمته بشبهة في طهر لم يصبها فيه ، فاعتزلها حتى أتت بولد لستة أشهر من حين الوطء ، لحق الواطئ ، وانتفى عن [ ص: 67 ] الزوج من غير لعان ، وعلى قول أبي بكر ، وأبي حنيفة يلحق بالزوج ; لأن الولد للفراش . وإن أنكر الواطئ الوطء ، فالقول قوله بغير يمين ، ويلحق نسب الولد بالزوج ; لأنه لا يمكن إلحاقه بالمنكر ، ولا تقبل دعوى الزوج في قطع نسب الولد . وإن أتت بالولد لدون ستة أشهر من حين الوطء لحق الزوج بكل حال ; لأننا نعلم أنه ليس من الواطئ .

وإن اشتركا في وطئها في طهر ، فأتت بولد يمكن أن يكون منهما ، لحق الزوج ; لأن الولد للفراش ، وقد أمكن كونه منه . وإن ادعى الزوج أنه من الواطئ . فقال بعض أصحابنا : يعرض على القافة معهما فيلحق بمن ألحقته منهما ، فإن ألحقته بالواطئ لحقه ، ولم يملك نفيه عن نفسه ، وانتفى عن الزوج بغير لعان ، وإن ألحقته بالزوج لحقه ، ولم يملك نفيه باللعان في أصح الروايتين . والأخرى ، له ذلك . وإن ألحقته بهما ، لحق بهما ، ولم يملك الواطئ نفيه عن نفسه . وهل يملك الزوج نفيه باللعان ؟ على روايتين .

وإن لم توجد قافة ، أو أنكر الواطئ الوطء ، أو اشتبه على القافة ، لحق الزوج ; لأن المقتضي للحاق النسب به متحقق ، ولم يوجد ما يعارضه ، فوجب إثبات حكمه . ويحتمل أن يلحق الزوج بكل حال ; لأن دلالة قول القافة ضعيفة ، ودلالة الفراش قوية ، فلا يجوز ترك دلالته لمعارضة دلالة ضعيفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية