صفحة جزء
( 6297 ) فصل : ولو قال لامرأته : يا زانية . فقالت : بك زنيت . فلا حد عليها ، ولا عليه وقال أصحاب الشافعي : عليه حد القذف ; لأنه يحتمل أنها أرادت بذلك نفي الزنا عن نفسها ، كما يستعمل أهل العرف فيما إذا قال قائل : سرقت . قال : معك سرقت . أي أنا لم أسرق ; لكونك أنت لم تسرق . ولنا أنها صدقته في قذفه إياها ، فأشبه ما لو قالت : صدقت . ولا حد عليها ; لأن حد الزنا لا يثبت إلا بالإقرار أربع مرات ، وليس عليها حد القذف ; لأنها لم تقذفه ، وإنما أقرت على نفسها بزناها به ، ويمكن ذلك من غير كونه زانيا ، بأن يظنها زوجته وهي عالمة أنه أجنبي ، ولأنه يحتمل أن تريد نفي ذلك عنهما ، كما ذكروه ، أو أنه لم يطأني سواك ، فإن لم يكن زنا فأنت شريكي فيه .

ولا يجب الحد مع الاحتمال ، ولا يلزم من سقوطه عن الرجل بظاهر تصديقها ، وجوبه عليها مع الاحتمال ; فإن الحد يدرأ بالشبهات ، ولا يجب بها . ولو قال : يا زانية . فقالت : أنت أزنى مني . فقال أبو بكر فيها كالتي قبلها : لا حد على الزوج ; بتصديقها له ، ولا على المرأة ; لما ذكرنا في التي قبلها . [ ص: 77 ] وقال الشافعي ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي : ليس قولها قذفا . قال الشافعي : إلا أن تريد القذف ; لأنه يحتمل أن تريد أنه أصابني وهو زوجي ، فإن كان ذلك ، فهو أبلغ مني فيه . وقال القاضي : عليها حد لقذفها ، ولا حد عليه لتصديقها إياه ، وقد أتت بصريح قذفه بالزنا ، فوجب عليها الحد ، كما لو قالت : أنت زان . والاحتمال مع التصريح بالقذف ، لا يمنع الحد ، كما لو قالت : أنت زان .

فأما إن قال : يا زانية . فقالت : بل أنت زان . فكل واحد منهما قاذف لصاحبه ، عليه حد القذف ; إلا أن المرأة لا تملك إسقاط حدها إلا بالبينة ، والزوج يملك إسقاطه ببينة أو لعان .

التالي السابق


الخدمات العلمية