صفحة جزء
( 6303 ) مسألة قال - رحمه الله تعالى - : ( وإذا طلق الرجل زوجته وقد خلا بها ، فعدتها ثلاث حيض غير الحيضة التي طلقها فيها ) في هذه المسألة ثلاثة فصول : ( 6304 ) الفصل الأول : أن العدة تجب على كل من خلا بها زوجها ، وإن لم يمسها . ولا خلاف بين أهل العلم في وجوبها على المطلقة بعد المسيس ، فأما إن خلا بها ولم يصبها ، ثم طلقها ، فإن مذهب أحمد وجوب العدة عليها . وروي ذلك عن الخلفاء الراشدين وزيد ، وابن عمر . وبه قال عروة ، وعلي بن الحسين ، وعطاء ، والزهري ، والثوري ، والأوزاعي ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي ، والشافعي في قديم قوليه .

وقال الشافعي في الجديد : لا عدة عليها ; وقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها } وهذا نص ، ولأنها مطلقة لم تمس ، فأشبهت من لم يخل بها . ولنا إجماع الصحابة ، روى الإمام أحمد ، الأثرم ، بإسنادهما عن زرارة بن أوفى ، قال : قضى الخلفاء الراشدون أن من أرخى سترا ، أو أغلق بابا ، فقد وجب المهر ، ووجبت العدة . ورواه الأثرم أيضا عن الأحنف ، عن عمر وعلي ، وعن سعيد بن المسيب ، عن عمر وزيد بن ثابت . وهذه قضايا اشتهرت ، فلم تنكر ، فصارت إجماعا . وضعف أحمد ما روي في خلاف ذلك ، وقد ذكرناه في كتاب الصداق .

ولأنه عقد على المنافع ، والتمكين فيه يجري مجرى الاستيفاء في الأحكام المتعلقة ، كعقد الإجارة ، والآية مخصوصة بما ذكرناه ، ولا يصح القياس على من لم يخل بها ; لأنه لم يوجد منها التمكين .

التالي السابق


الخدمات العلمية