صفحة جزء
( 6311 ) مسألة قال : ( وإن كانت من الآيسات ، أو ممن لم يحضن ، فعدتها ثلاثة أشهر ) أجمع أهل العلم على هذا ; لأن الله تعالى ذكره في كتابه بقوله سبحانه : { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن } فإن كان الطلاق في أول الهلال ، اعتبر ثلاثة أشهر بالأهلة ; لقول الله تعالى : { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } . وقال سبحانه : { إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم } .

ولم يختلف الناس في أن الأشهر الحرم معتبرة بالأهلة . وإن وقع الطلاق في أثناء شهر اعتدت بقيته ، ثم اعتدت شهرين بالأهلة ، ثم اعتدت من الشهر الثالث تمام ثلاثين يوما . وهذا مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة تحتسب بقية الأول ، وتعتد من الرابع بقدر ما فاتها من الأول ، تاما كان أو ناقصا ; لأنه لو كان من أول الهلال ، كانت العدة بالأهلة ، فإذا كان من بعض الشهر ، وجب قضاء ما فات منه . وخرج أصحابنا وجها ثانيا ، أن جميع الشهور محسوبة بالعدد . وهو قول ابن بنت الشافعي لأنه إذا حسب الأول بالعدد ، كان ابتداء الثاني من بعض الشهر ، فيجب أن يحسب بالعدد ، وكذلك الثالث .

ولنا أن الشهر يقع على ما بين الهلالين وعلى الثلاثين ، ولذلك إذا غم الشهر كمل ثلاثين ، والأصل الهلال ، فإذا أمكن اعتبار الهلال ، اعتبروا ، وإذا تعذر ، رجع إلى العدد . وفي هذا انفصال عما ذكر لأبي حنيفة . وأما التخريج الذي ذكرناه ، فإنه لا يلزم إتمام الشهر الأول من الثاني ، ويجوز أن يكون تمامه من الرابع .

التالي السابق


الخدمات العلمية