( 6350 ) فصل : في 
أحكام المفقود   . 
إذا غاب الرجل عن امرأته ، لم يخل من حالين : أحدهما ، 
أن تكون غيبة غير منقطعة ، يعرف خبره ، ويأتي كتابه ، فهذا ليس لامرأته أن تتزوج في قول أهل العلم أجمعين ، إلا أن يتعذر الإنفاق عليها من ماله ، فلها أن تطلب فسخ النكاح ، فيفسخ نكاحه . وأجمعوا على أن زوجة الأسير لا تنكح حتى تعلم يقين وفاته . وهذا قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي  ، 
والزهري  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=17314ويحيى الأنصاري  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=17134ومكحول  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبي عبيد  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور  ، 
وإسحاق  ، وأصحاب الرأي . وإن أبق العبد ، فزوجته على الزوجية ، حتى تعلم موته أو ردته . وبه قال 
الأوزاعي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  ، 
وإسحاق  
وقال 
الحسن    : إباقه طلاقه . ولنا أنه ليس بمفقود ، فلم ينفسخ نكاحه ، كالحر ، ومن تعذر الإنفاق من ماله على زوجته ، فحكمها في الفسخ حكم ما ذكرنا ، إلا أن العبد نفقة زوجته على سيده ، أو في كسبه ، فيعتبر تعذر الإنفاق من محل الوجوب .  
[ ص: 106 ] الحال الثاني ، 
أن يفقد ، وينقطع خبره ، ولا يعلم له موضع ، فهذا ينقسم قسمين : أحدهما ، أن يكون ظاهر غيبته السلامة ، كسفر التجارة في غير مهلكة ، وإباق العبد ، وطلب العلم والسياحة ، فلا تزول الزوجية أيضا ، ما لم يثبت موته . 
وروي ذلك عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي    . وإليه ذهب 
 nindex.php?page=showalam&ids=16438ابن شبرمة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16330وابن أبي ليلى  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  في الجديد . وروي ذلك عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12134أبي قلابة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبي عبيد    . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  في القديم : تتربص أربع سنين ، وتعتد للوفاة أربعة أشهر وعشرا ، وتحل للأزواج ; لأنه إذا جاز الفسخ لتعذر الوطء بالعنة ، وتعذر النفقة بالإعسار ، فلأن يجوز هاهنا لتعذر الجميع أولى ، واحتجوا بحديث عمر في المفقود ، مع موافقة الصحابة له ، وتركهم إنكاره . ونقل 
 nindex.php?page=showalam&ids=12216أحمد بن أصرم  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد    : إذا مضى عليه تسعون سنة ، قسم ماله . وهذا يقتضي أن زوجته تعتد عدة الوفاة ثم تتزوج . 
قال أصحابنا : إنما اعتبر تسعين سنة من يوم ولادته ; لأن الظاهر أنه لا يعيش أكثر من هذا العمر ، فإذا اقترن به انقطاع خبره ، وجب الحكم بموته ، كما لو كان فقده بغيبة ظاهرها الهلاك . والمذهب الأول ; لأن هذه غيبة ظاهرها السلامة ، فلم يحكم بموته ، كما قبل الأربع سنين ، أو كما قبل التسعين ، ولأن هذا التقدير بغير توقيف ، والتقدير لا ينبغي أن يصار إليه إلا بالتوقيف ; لأن تقديرها بتسعين سنة من يوم ولادته ، يفضي إلى اختلاف العدة في حق المرأة باختلاف عمر الزوج ، ولا نظير لهذا ، وخبر 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  ورد في من ظاهر غيبته الهلاك ، فلا يقاس عليه غيره . القسم الثاني ، أن تكون غيبته ظاهرها الهلاك ، كالذي يفقد من بين أهله ليلا أو نهارا ، أو يخرج إلى الصلاة فلا يرجع ، أو يمضي إلى مكان قريب ليقضي حاجته ويرجع ، فلا يظهر له خبر ، أو يفقد بين الصفين ، أو ينكسر بهم مركب فيغرق بعض رفقته ، أو يفقد في مهلكة ، كبرية 
الحجاز  ونحوها ، فمذهب 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد  الظاهر عنه ، أن زوجته تتربص أربع سنين ، أكثر مدة الحمل ، ثم تعتد للوفاة أربعة أشهر وعشرا . 
وتحل للأزواج قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم    : قيل 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251لأبي عبد الله    : تذهب إلى حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  ؟ قال : هو أحسنها يروى عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  من ثمانية وجوه . ثم قال : زعموا أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  رجع عن هذا . هؤلاء الكذابين . قلت : فروي من وجه ضعيف أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  قال بخلاف هذا ؟ قال : لا ، إلا أن يكون إنسان يكذب . وقلت له مرة : إن إنسانا قال لي : إن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أبا عبد الله  قد ترك قوله في المفقود بعدك . فضحك ، ثم قال : من ترك هذا القول أي شيء يقول ، وهو قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر   nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان   nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي   nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس   nindex.php?page=showalam&ids=14وابن الزبير    . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد    : خمسة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . وبه قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز  ، 
والحسن  ، 
والزهري  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16604وعلي بن المديني  ، 
وعبد العزيز بن أبي سلمة    . 
وبه يقول 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  في القديم ، إلا أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا  قال : ليس في انتظار من يفقد في القتال وقت . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب  ، في امرأة المفقود بين الصفين : تتربص سنة ; لأن غلبة هلاكه هاهنا أكثر من غلبة غيره ، لوجود سببه . وقد نقل عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد  ، أنه قال : كنت أقول : إذا تربصت أربع سنين ، ثم اعتدت أربعة أشهر وعشرا . تزوجت . وقد  
[ ص: 107 ] ارتبت فيها ، وهبت الجواب فيها ، لما اختلف الناس فيها ، فكأني أحب السلامة . وهذا توقف يحتمل الرجوع عما قاله ، وتتربص أبدا ، ويحتمل التورع ، ويكون المذهب ما قاله أولا . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي    : أكثر أصحابنا على أن المذهب رواية واحدة ، وعندي أن المسألة على روايتين . وقال 
أبو بكر    : الذي أقول به - إن صح الاختلاف في المسألة - أن لا يحكم بحكم ثان إلا بدليل على الانتقال ، وإن ثبت الإجماع ، فالحكم فيه على ما نص عليه . وظاهر المذهب على ما حكيناه أولا . نقله عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد  الجماعة ، وقد أنكر 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد  رواية من روى عنه الرجوع ، على ما حكيناه من رواية 
 nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم    . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12134أبو قلابة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16330وابن أبي ليلى  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16438وابن شبرمة  ، وأصحاب الرأي ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  في الجديد : لا تتزوج امرأة المفقود حتى يتبين موته أو فراقه ; لما روى 
المغيرة  ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=25526امرأة المفقود امرأته ، حتى يأتيها الخبر   } . 
. وروى 
الحكم  وحماد  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي    : لا تتزوج امرأة المفقود ، حتى يأتي موته أو طلاقه . لأنه شك في زوال الزوجية ، فلم تثبت به الفرقة ، كما لو كان ظاهر غيبته السلامة . ولنا ، ما روى 
 nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم    . 
والجوزجاني  ، بإسنادهما عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير  ، قال : فقد رجل في عهد 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  ، فجاءت امرأته إلى 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  ، فذكرت ذلك له ، فقال : انطلقي ، فتربصي أربع سنين . ففعلت ، ثم أتته ، فقال : انطلقي ، فاعتدي أربعة أشهر وعشرا . ففعلت ، ثم أتته ، فقال : أين ولي هذا الرجل ؟ فجاء وليه ، فقال : طلقها . ففعل ، فقال لها 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر    : انطلقي ، فتزوجي من شئت . فتزوجت ، ثم جاء زوجها الأول ، فقال له 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر    : أين كنت ؟ قال : يا أمير المؤمنين ، استهوتني الشياطين ، فوالله ما أدري في أي أرض الله ، كنت ؟ عند قوم يستعبدونني ، حتى اغتزاهم منهم قوم مسلمون ، فكنت في ما غنموه ، فقالوا لي : أنت رجل من الإنس ، وهؤلاء من الجن ، فما لك وما لهم ؟ فأخبرتهم خبري ، فقالوا : بأي أرض الله تحب أن تصبح ؟ قلت : 
المدينة  هي أرضي . فأصبحت وأنا أنظر إلى الحرة . فخيره 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر    ; إن شاء امرأته ، وإن شاء الصداق ، فاختار الصداق ، وقال : قد حبلت ، لا حاجة لي فيها . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد    : يروى عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  ، من ثلاثة وجوه ، ولم يعرف في الصحابة له مخالف . وروى 
الجوزجاني  وغيره ، بإسنادهم عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي  في امرأة المفقود : تعتد أربع سنين ، ثم يطلقها ولي زوجها ، وتعتد بعد ذلك أربعة أشهر وعشرا ، فإن جاء زوجها المفقود بعد ذلك ، خير بين الصداق وبين امرأته . وقضى به 
 nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان  أيضا ، وقضى به 
 nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير  في مولاة لهم . وهذه قضايا انتشرت في الصحابة فلم تنكر ، فكانت إجماعا . 
فأما الحديث الذي رووه عن النبي صلى الله عليه وسلم فلم يثبت ، ولم يذكره أصحاب السنن . وما رووه عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي  ، فيرويه 
الحكم  وحماد  مرسلا ، والمسند عنه مثل قولنا ، ثم يحمل ما رووه على المفقود الذي ظاهر غيبته السلامة ، جمعا بينه وبين ما رويناه . وقولهم : إنه شك في زوال الزوجية . ممنوع ، فإن الشك ما تساوى فيه الأمران ، والظاهر في مسألتنا هلاكه .