صفحة جزء
( 6364 ) مسألة قال : ( وأم الولد إذا مات سيدها ، فلا تنكح حتى تحيض حيضة كاملة ) هذا المشهور عن أحمد . وهو قول ابن عمر . وروي ذلك عن عثمان ، وعائشة ، والحسن ، والشعبي ، والقاسم بن محمد ، وأبي قلابة ، ومكحول ، ومالك ، والشافعي ، وأبي عبيد ، وأبي ثور . وروي عن أحمد ، أنها تعتد عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا . وهو قول سعيد بن المسيب ، وأبي عياض ، وابن سيرين ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وخلاس بن عمرو ، وعمر بن عبد العزيز ، والزهري ، ويزيد بن عبد الملك ، والأوزاعي ، وإسحاق ; لما روي عن عمرو بن العاص ، أنه قال : لا تفسدوا علينا سنة نبينا صلى الله عليه وسلم عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها أربعة أشهر وعشر . رواه أبو داود .

ولأنها حرة تعتد للوفاة ، فكانت عدتها أربعة أشهر وعشرا ، كالزوجة الحرة . وحكى أبو الخطاب ، رواية ثالثة ، أنها تعتد شهرين وخمسة أيام . ولم أجد هذه الرواية عن أحمد ، في ( الجامع ) ، ولا أظنها صحيحة عن أحمد . وروي ذلك عن عطاء ، وطاوس ، وقتادة ; ولأنها حين الموت أمة ، فكانت عدتها عدة الأمة ، كما لو مات رجل عن زوجته الأمة ، فعتقت بعد موته ويروى عن علي ، وابن مسعود ، وعطاء ، والنخعي ، والثوري ، وأصحاب الرأي ، أن عدتها ثلاث حيض ; لأنها حرة تستبرأ ، فكان استبراؤها بثلاث حيض ، كالحرة المطلقة ولنا أنه استبراء لزوال الملك عن الرقبة ، فكان حيضة في حق من تحيض ، كسائر استبراء المعتقات [ ص: 114 ] والمملوكات ، ولأنه استبراء لغير الزوجات والموطوآت بشبهة ، فأشبه ما ذكرنا .

قال القاسم بن محمد : سبحان الله ، يقول الله تعالى في كتابه : { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا } . ما هن بأزواج . فأما حديث عمرو بن العاص ، فضعيف . قال ابن المنذر : ضعف أحمد وأبو عبيد حديث عمرو بن العاص . وقال محمد بن موسى : سألت أبا عبد الله عن حديث عمرو بن العاص ، فقال : لا يصح . وقال الميموني : رأيت أبا عبد الله يعجب من حديث عمرو بن العاص هذا ، ثم قال : أين سنة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا ؟ وقال : أربعة أشهر وعشر إنما هي عدة الحرة من النكاح ، وإنما هذه أمة خرجت من الرق إلى الحرية .

ويلزم من قال بهذا أن يورثها . وليس لقول : تعتد بثلاث حيض وجه ، وإنما تعتد بذلك المطلقة ، وليست هذه مطلقة ، ولا في معنى المطلقة . وأما قياسهم إياها على الزوجات ، فلا يصح ; لأن هذه ليست زوجة ، ولا في حكم الزوجة ، ولا مطلقة ، ولا في حكم المطلقة .

التالي السابق


الخدمات العلمية