صفحة جزء
( 6365 ) فصل : ولا يكفي في الاستبراء طهر واحد ، ولا بعض حيضة . وهذا قول أكثر أهل العلم . وقال بعض أصحاب مالك : متى طعنت في الحيضة ، فقد تم استبراؤها . وزعم أنه مذهب مالك وقال الشافعي ، في أحد قوليه : يكفي طهر واحد إذا كان كاملا ، وهو أن يموت في حيضها ، فإذا رأت الدم من الحيضة الثانية ، حلت ، وتم استبراؤها . وهكذا الخلاف في الاستبراء كله ، وبنوا هذا على أن القروء الأطهار ، وهذا يرده قول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا حائل حتى تستبرأ بحيضة } . وقال رويفع بن ثابت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم خيبر : { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلا يطأ جارية من السبي حتى يستبرئها بحيضة } . رواه الأثرم . وهذا صريح فلا يعول على ما خالفه .

ولأن الواجب استبراء ، والذي يدل على البراءة هو الحيض ، فإن الحامل لا تحيض . فأما الطهر فلا دلالة فيه على البراءة ، فلا يجوز أن يعول في الاستبراء على ما لا دلالة فيه عليه ، دون ما يدل عليه . وبناؤهم قولهم هذا على قولهم : إن القروء الأطهار . بناء للخلاف على الخلاف ، وليس ذلك بحجة ، ثم لم يمكنهم بناء هذا على ذاك حتى خالفوه ، فجعلوا الطهر الذي طلقها فيه قرءا ، ولم يجعلوا الطهر الذي مات فيه سيد أم الولد قرءا ، وخالفوا الحديث والمعنى . فإن قالوا : إن بعض الحيضة المقترن بالطهر يدل على البراءة . قلنا : فيكون الاعتماد حينئذ على بعض الحيضة ، وليس ذلك قرءا عند أحد .

فإذا تقرر هذا ، فإن مات عنها وهي طاهر ، فإذا طهرت من الحيضة المستقبلة حلت ، وإن كانت حائضا ، لم تعتد ببقية تلك الحيضة ، ولكن متى طهرت من الحيضة الثانية حلت ; لأن استبراء هذه بحيضة ، فلا بد من حيضة كاملة .

التالي السابق


الخدمات العلمية