صفحة جزء
( 6371 ) فصل : فإن مات زوجها وسيدها ، ولم تعلم أيهما مات أولا ، فعلى قول أبي بكر ، ليس عليها استبراء ; لأن فراش سيدها قد زال عنها ، ولم تعد إليه ، وعليها أن تعتد لوفاة زوجها عدة الحرائر ; ولأنه يحتمل أن سيدها مات أولا ، ثم مات زوجها وهي حرة فلزمها عدة الحرة ، لتخرج من العدة بيقين . وعلى القول الآخر ، إن كان بين موتهما شهران وخمسة أيام فما دون ، فليس عليها استبراء ; لأن السيد إن كان مات أولا ، فقد مات وهي زوجته ، وإن كان مات آخرا ، فقد مات وهي معتدة ، وليس عليها استبراء في هاتين الحالتين ، وعليها أن تعتد بعد موت الآخر منهما عدة الحرة ; لما ذكرناه .

وإن كان بين موتهما أكثر من ذلك ، فعليها بعد موت الآخر منهما أطول الأجلين ، من أربعة أشهر وعشر ، واستبراء بحيضة ; لأنه يحتمل أن السيد مات أولا ، فيكون عليها عدة الحرة من الوفاة ، ويحتمل أنه مات آخرا ، بعد انقضاء عدتها من الزوج ، وعودها إلى فراشه ، فلزمها الاستبراء بحيضة ، فوجب الجمع بينهما ليسقط الفرض بيقين . قال ابن عبد البر : وعلى هذا جميع القائلين من العلماء بأن عدة الأمة من سيدها بحيضة ، ومن زوجها شهران وخمس ليال ، فإن جهل ما بين موتهما ، فالحكم فيه كما لو علمنا أن بينهما شهرين وخمس ليال ، احتياطا لإسقاط الفرض بيقين ، كما [ ص: 117 ] أخذنا بالاحتياط في الإيجاب بين عدة حرة وحيضة ، فيما إذا علمنا أن بينهما شهرين وخمس ليال .

وقول أصحاب الشافعي في هذا الفصل مثل قولنا ، وكذلك قول أبي حنيفة وأصحابه ، إلا أنهم جعلوا مكان الحيضة ثلاث حيضات ، بناء على أصلهم في استبراء أم الولد . وقال ابن المنذر حكمها حكم الإماء ، وعليها شهران وخمسة أيام ، ولا أنقلها إلى حكم الحرائر إلا بإحاطة أن الزوج مات بعد المولى . وقيل : إن هذا قول أبي بكر عبد العزيز أيضا . والذي ذكرناه أحوط . فأما الميراث ، فإنها لا ترث من زوجها شيئا ; لأن الأصل الرق ، والحرية مشكوك فيها ، فلم ترث مع الشك ، والفرق بين الإرث والعدة ، أن إيجاب العدة عليها استظهار لا ضرر فيه على غيرها ، وإيجاب الإرث إسقاط لحق غيرها ، ولأن الأصل تحريم النكاح عليها ، فلا يزول إلا بيقين ، والأصل عدم الميراث لها ، فلا ترث إلا بيقين .

فإن قيل : أفليس زوجة المفقود لو ماتت وقف ميراثه منها مع الشك في إرثه ؟ قلنا : الفرق بينهما أن الأصل هاهنا الرق ، والشك في زواله وحدوث الحال التي يرث فيها ، والمفقود الأصل حياته ، والشك في موته وخروجه عن كونه وارثا ، فافترقا .

التالي السابق


الخدمات العلمية