صفحة جزء
[ ص: 118 ] فصل : وإن أعتق أم ولده ، أو أمته التي كان يصيبها ، أو غيرها ممن تحل له إصابتها ، فله أن يتزوجها في الحال ، من غير استبراء ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم { أعتق صفية ، وتزوجها ، وجعل عتقها صداقها } . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { ثلاثة يوفون أجرهم مرتين ; رجل كانت له أمة ، فأدبها فأحسن تأديبها ، وعلمها فأحسن تعليمها ، ثم أعتقها وتزوجها } . ولم يذكر استبراء ، ولأن الاستبراء لصيانة مائه وحفظه عن الاختلاط بماء غيره ، ولا يصان ماؤه عن مائه ، ولهذا كان له أن يتزوج مختلعته في عدتها . وقد روي عن أحمد ، في الأمة التي لا يطؤها إذا أعتقها : لا يتزوجها بغير استبراء ; لأنه لو باعها لم تحل للمشتري بغير استبراء .

والصحيح أنه يحل له ذلك ; لأنه يحل له وطؤها بملك اليمين ، فكذلك بالنكاح ، كالتي كان يصيبها ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وتزوجها ، ولم ينقل أنه كان أصابها ، والحديث الآخر يدل على حلها له بظاهره ، لدخولها في العموم ، ولأنها تحل لمن تزوجها سواه ، فله أولى ، ولأنه لو استبرأها ، ثم أعتقها وتزوجها في الحال ، كان جائزا حسنا ، فكذلك هذه ، فإنه تارك لوطئها ، ولأن وجوب الاستبراء في حق غيره ، إنما كان لصيانة مائه عن الاختلاط بغيره ، ولا يوجد ذلك هاهنا . وكلام أحمد ، محمول على من اشتراها ، ثم تزوجها قبل أن يستبرئها .

التالي السابق


الخدمات العلمية