( 6390 ) فصل : 
وتجتنب الحادة ما يدعو إلى جماعها ، ويرغب في النظر إليها ، ويحسنها ، وذلك أربعة أشياء ; أحدها الطيب ، ولا خلاف في تحريمه عند من أوجب الإحداد ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=30601  : لا تمس طيبا ، إلا عند أدنى طهرها ، إذا طهرت من حيضها بنبذة من قسط أو أظفار   } . متفق عليه . 
وروت 
 nindex.php?page=showalam&ids=170زينب بنت أم سلمة  ، قالت : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=18792دخلت على  nindex.php?page=showalam&ids=10583أم حبيبة  ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها  nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان  ، فدعت بطيب فيه صفرة ، خلوق أو غيره ، فدهنت منه جارية ، ثم مست بعارضها ، ثم قالت : والله ما لي بالطيب من حاجة ، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ، أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال ، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا   } . متفق عليه . ولأن الطيب يحرك الشهوة ، ويدعو إلى المباشرة . ولا يجوز لها استعمال الأدهان المطيبة ، كدهن الورد والبنفسج والياسمين والبان ، وما أشبهه ; لأنه استعمال للطيب . 
فأما الأدهان بغير المطيب ، كالزيت والشيرج والسمن ، فلا بأس به ; لأنه ليس بطيب . الثاني : اجتناب الزينة ، وذلك واجب في قول عامة أهل العلم ; منهم 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء    . وجماعة أهل العلم يكرهون ذلك ، وينهون عنه ، وهو ثلاثة أقسام : أحدها الزينة في نفسها ، فيحرم عليها أن تختضب ، وأن تحمر وجهها بالكلكون ، وأن تبيضه بأسفيداج العرائس ، وأن تجعل عليه صبرا يصفره ، وأن تنقش وجهها ويديها ، وأن تحفف وجهها ، وما أشبهه مما يحسنها ، وأن تكتحل بالإثمد من غير ضرورة ; وذلك لما روت 
 nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة  ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=15113المتوفى عنها زوجها ، لا تلبس المعصفر من الثياب ، ولا الممشق ، ولا الحلي ، ولا تختضب ، ولا تكتحل   } . رواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي  ، 
وأبو داود    . 
وروت 
أم عطية  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=30067لا تحد المرأة فوق ثلاثة أيام ، إلا على زوج ، فإنها تحد أربعة أشهر وعشرا ، ولا تلبس ثوبا مصبوغا ، إلا ثوب عصب ، ولا تكتحل ، ولا تمس طيبا إلا عند أدنى طهرها ، إذا طهرت من حيضها ، بنبذة من قسط أو أظفار  } . متفق عليه . 
وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة  ، قالت : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=17566جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، إن ابنتي توفي عنها زوجها ، وقد اشتكت عينها ، أفتكحلها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا . مرتين أو ثلاثا   } . متفق عليه . وروت 
 nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة  ، قالت :  
[ ص: 126 ]   { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=18754دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفي  nindex.php?page=showalam&ids=233أبو سلمة  ، وقد جعلت على عيني صبرا ، فقال : ماذا يا  nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة  ؟ . قلت : إنما هو صبر ، ليس فيه طيب . قال : إنه يشب الوجه ، لا تجعليه إلا بالليل ، وتنزعينه بالنهار ، ولا تمتشطي بالطيب ، ولا بالحناء ، فإنه خضاب . قالت : قلت : بأي شيء أمتشط ؟ قال : بالسدر ، تغلفين به رأسك   } . 
ولأن الكحل من أبلغ الزينة ، والزينة تدعو إليها ، وتحرك الشهوة ، فهي كالطيب وأبلغ منه . وحكي عن بعض الشافعية ، أن للسوداء أن تكتحل . وهو مخالف للخبر والمعنى ، فإنه يزينها ويحسنها . وإن 
اضطرت الحادة إلى الكحل بالإثمد للتداوي ، فلها أن تكتحل ليلا ، وتمسحه نهارا . ورخص فيه عند الضرورة 
 nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك  ، وأصحاب الرأي ; لما روت 
أم حكيم بنت أسيد  ، عن أمها ، أن زوجها توفي ، وكانت تشتكي عينيها ، فتكتحل بالجلاء ، فأرسلت مولاة لها إلى 
 nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة  ، تسألها عن كحل الجلاء ، فقالت : لا تكتحلي إلا لما لا بد منه ، يشتد عليك ، فتكتحلين بالليل ، وتغسلينه بالنهار . رواه 
أبو داود  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي    . وإنما منع من 
الكحل بالإثمد ، لأنه الذي تحصل به الزينة ، فأما 
الكحل بالتوتيا والعنزروت ونحوهما ، فلا بأس به ; لأنه لا زينة فيه ، بل يقبح العين ، ويزيدها مرها . 
ولا تمنع من جعل الصبر على غير وجهها من بدنها ; لأنه إنما منع منه في الوجه لأنه يصفره ، فيشبه الخضاب ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=119087إنه يشب الوجه   } ، 
ولا تمنع من التنظيف بتقليم الأظفار ، ونتف الإبط ، وحلق الشعر المندوب إلى حلقه ، ولا من الاغتسال بالسدر ، والامتشاط به ، لحديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة  ، ولأنه يراد للتنظيف لا للطيب . القسم الثاني : زينة الثياب ، فتحرم عليها الثياب المصبغة للتحسين ، كالمعصفر ، والمزعفر ، وسائر الأحمر ، وسائر الملون للتحسين ، كالأزرق الصافي ، والأخضر الصافي ، والأصفر ، فلا يجوز لبسه ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=30583لا تلبس ثوبا مصبوغا   } . وقوله : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=30582لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشق   } . 
فأما ما لا يقصد بصبغه حسنه ، كالكحلي ، والأسود ، والأخضر المشبع ، فلا تمنع منه ; لأنه ليس بزينة .
وما صبغ غزله ثم نسج فيه احتمالان   ; أحدهما : يحرم لبسه ; لأنه أرفع وأحسن ; ولأنه مصبوغ للحسن ، فأشبه ما صبغ بعد نسجه . والثاني لا يحرم ; لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة    : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=75667إلا ثوب عصب   } . وهو ما صبغ غزله قبل نسجه . ذكره القاضي ; ولأنه لم يصبغ وهو ثوب ، فأشبه ما كان حسنا من الثياب غير مصبوغ ، والأول أصح ، وأما العصب ، فالصحيح أنه نبت تصبغ به الثياب . قال صاحب الروض الأنف الورس والعصب نبتان 
باليمن  ، لا ينبتان إلا به . فأرخص النبي صلى الله عليه وسلم للحادة في لبس ما صبغ بالعصب ; لأنه في معنى ما صبغ لغير التحسين ، أما 
ما صبغ غزله للتحسين ، كالأحمر والأصفر ، فلا معنى لتجويز لبسه ، مع حصول الزينة بصبغه ، كحصولها بما صبغ بعد نسجه . 
ولا تمنع من حسان الثياب غير المصبوغة ، وإن كان رقيقا ، سواء كان من قطن أو كتان أو إبريسم ; لأن حسنه من أصل خلقته ، فلا يلزم تغييره ، كما أن المرأة إذا كانت حسنة الخلقة ، لا يلزمها أن تغير لونها ، وتشوه نفسها . القسم الثالث : الحلي ، فيحرم عليها 
لبس الحلي كله ، حتى الخاتم ، في قول عامة أهل العلم ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=113680ولا الحلي   } . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء    : يباح حلي الفضة دون الذهب . وليس بصحيح ; لأن النهي عام ; ولأن الحلي يزيد حسنها ،  
[ ص: 127 ] ويدعو إلى مباشرتها ، قالت امرأة : 
وما الحلي إلا زينة لنقيصة تتمم من حسن إذا الحسن قصرا 
  ( 6391 ) فصل : والثالث 
مما تجتنبه الحادة النقاب ، وما في معناه ، مثل البرقع ونحوه ; لأن المعتدة مشبهة بالمحرمة والمحرمة تمنع من ذلك ، وإذا احتاجت إلى ستر وجهها أسدلت عليه كما تفعل المحرمة .