صفحة جزء
( 6413 ) مسألة ; قال : الشافعي : ( والسعوط كالرضاع ، وكذلك الوجور ) معنى السعوط : أن يصب اللبن في أنفه من إناء أو غيره . والوجور : أن يصب في حلقه صبا من غير الثدي . واختلفت الرواية في التحريم بهما ، فأصح الروايتين أن التحريم يثبت بذلك ، كما يثبت بالرضاع . وهو قول الشعبي والثوري ، وأصحاب الرأي . وبه قال مالك في الوجور .

والثانية لا يثبت بهما التحريم . وهو اختيار أبي بكر ، ومذهب داود وقول عطاء الخراساني في السعوط ; لأن هذا ليس برضاع ، وإنما حرم الله تعالى ورسوله بالرضاع ، ولأنه حصل من غير ارتضاع ، فأشبه ما لو دخل من جرح في بدنه . ولنا ، ما روى ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : { لا رضاع ، إلا ما أنشز العظم ، وأنبت اللحم } رواه أبو داود . ولأن هذا يصل به اللبن إلى حيث يصل بالارتضاع ، ويحصل به من إنبات اللحم وإنشاز العظم ما يحصل من الارتضاع ، فيجب أن يساويه في التحريم ، والأنف سبيل الفطر للصائم . فكان سبيلا للتحريم ، كالرضاع بالفم . ( 6414 ) فصل : وإنما يحرم من ذلك مثل الذي يحرم بالرضاع ، وهو خمس في الرواية المشهورة ، فإنه فرع على الرضاع ، فيأخذ حكمه ، فإن ارتضع وكمل الخمس بسعوط أو وجور ، أو استعط أو أوجر ، وكمل الخمس برضاع ، ثبت التحريم ; لأنا جعلناه كالرضاع في أصل التحريم ، فكذلك في إكمال العدد ، ولو حلبت في إناء دفعة واحدة ، ثم سقته غلاما في خمسة أوقات ، فهو خمس رضعات ، فإنه لو أكل من طعام خمس أكلات متفرقات ، لكان قد أكل خمس أكلات .

وإن حلبت في إناء حلبات في خمسة أوقات ، ثم سقته دفعة واحدة كان رضعة واحدة ، كما لو جعل الطعام في إناء واحد في خمسة أوقات ، ثم أكله دفعة واحدة ، كان أكلة واحدة . وحكي عن الشافعي قول في الصورتين عكس ما قلنا اعتبارا لخروجه منها ; لأن الاعتبار بالرضاع ، والوجور فرعه . ولنا أن ، الاعتبار بشرب الصبي له ; لأنه المحرم ، ولهذا ثبت التحريم به من غير رضاع ، ولو ارتضع بحيث يصل إلى فيه ، ثم مجه ، لم يثبت التحريم ، فكان الاعتبار به ، وما وجد منه إلا دفعة واحدة ، فكان رضعة واحدة ، وإن سقته في أوقات ، فقد وجد في خمسة أوقات ، فكان خمس رضعات ، فأما إن سقته اللبن المجموع جرعة بعد جرعة متتابعة ، فظاهر قول الخرقي أنه رضعة واحدة ; لاعتباره خمس رضعات متفرقات ; ولأن المرجع في الرضعة إلى العرف ، وهم لا يعدون هذا رضعات ، فأشبه ما لو أكل الآكل الطعام لقمة بعد لقمة ، فإنه لا يعد أكلات .

ويحتمل أن [ ص: 140 ] يرجع على ما إذا قطعت عليه المرضعة الرضاع ، على ما قدمنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية