صفحة جزء
( 6446 ) مسألة : قال : ( وإذا شهدت امرأة واحدة على الرضاع ، حرم النكاح إذا كانت مرضية . وقد روي عن أبي عبد الله ، رحمه الله ، رواية أخرى : إن كانت مرضية استحلفت ، فإن كانت كاذبة ، لم يحل الحول حتى تبيض ثدياها ، وذهب في ذلك إلى قول ابن عباس رضي الله عنه ) وجملة ذلك أن شهادة المرأة الواحدة مقبولة في الرضاع ، إذا كانت مرضية . وبهذا قال طاوس ، والزهري ، والأوزاعي ، [ ص: 153 ] وابن أبي ذئب ، وسعيد بن عبد العزيز .

وعن أحمد ، رواية أخرى : لا يقبل إلا شهادة امرأتين . وهو قول الحكم ; لأن الرجال أكمل من النساء ; ولا يقبل إلا شهادة رجلين ، فالنساء أولى . وعن أحمد ، رواية ثالثة ، أن شهادة المرأة الواحدة مقبولة ، وتستحلف مع شهادتها . وهو قول ابن عباس ، وإسحاق ; لأن ابن عباس قال ، في امرأة زعمت أنها أرضعت رجلا وأهله ، فقال : إن كانت مرضية ، استحلفت ، وفارق امرأته . وقال : إن كانت كاذبة ، لم يحل الحول حتى يبيض ثدياها . يعني يصيبها فيها برص ، عقوبة على كذبها . وهذا لا يقتضيه قياس ، ولا يهتدي إليه رأي ، فالظاهر أنه لا يقوله إلا توقيفا . وقال عطاء ، وقتادة ، والشافعي : لا يقبل من النساء أقل من أربع ; لأن كل امرأتين كرجل .

وقال أصحاب الرأي : لا يقبل فيه إلا رجلان ، أو رجل وامرأتان . وروي ذلك عن عمر ; لقول الله تعالى : { واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان } . ولنا ، ما روى عقبة بن الحارث ، قال { : تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب ، فجاءت أمة سوداء ، فقالت : قد أرضعتكما . فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكرت ذلك له ، فقال : وكيف ، وقد زعمت ذلك ، } . متفق عليه وفي لفظ رواه النسائي ، قال : { فأتيته من قبل وجهه ، فقلت : إنها كاذبة . قال : كيف ، وقد زعمت أنها قد أرضعتكما ، خل سبيلها } . وهذا يدل على الاكتفاء بالمرأة الواحدة . وقال الزهري : فرق بين أهل أبيات في زمن عثمان رضي الله عنه بشهادة امرأة في الرضاع . وقال الأوزاعي : فرق عثمان بين أربعة وبين نسائهم ، بشهادة امرأة في الرضاع . وقال الشعبي : كانت القضاة يفرقون بين الرجل والمرأة ، بشهادة امرأة واحدة في الرضاع . ولأن هذا شهادة على عورة ، فيقبل فيه شهادة النساء المنفردات ، كالولادة . وعلل الشافعي ، بأنه معنى يقبل فيه قول النساء المنفردات ، فيقبل فيه شهادة المرأة المنفردة ، كالخبر .

التالي السابق


الخدمات العلمية