صفحة جزء
( 6456 ) فصل : والنفقة مقدرة بالكفاية ، وتختلف باختلاف من تجب له النفقة في مقدارها . وبهذا قال أبو حنيفة ، ومالك . وقال القاضي : هي مقدرة بمقدار لا يختلف في القلة والكثرة ، والواجب رطلان من الخبز في كل يوم ، في حق الموسر والمعسر ، اعتبارا بالكفارات ، وإنما يختلفان في صفته وجودته ; لأن الموسر والمعسر سواء في قدر المأكول ، وفيما تقوم به البنية ، وإنما يختلفان في جودته ، فكذلك النفقة الواجبة .

وقال الشافعي : نفقة المقتر مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم لأن أقل ما يدفع في الكفارة إلى الواحد مد . والله سبحانه اعتبر الكفارة بالنفقة على الأهل ، فقال سبحانه : { من أوسط ما تطعمون أهليكم } . وعلى الموسر مدان ; لأن أكثر ما أوجب الله سبحانه للواحد مدين في كفارة الأذى ، وعلى المتوسط مد ونصف ، نصف نفقة الموسر ، ونصف نفقة الفقير .

ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم لهند : { خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف } . فأمرها بأخذ ما يكفيها من غير تقدير ، ورد الاجتهاد في ذلك إليها ، ومن المعلوم أن قدر كفايتها لا ينحصر في المدين ، بحيث لا يزيد عنهما ولا ينقص ، ولأن الله تعالى قال : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف } . وإيجاب أقل من الكفاية من الرزق ترك للمعروف ، وإيجاب قدر الكفاية ، وإن كان أقل من مد أو من رطلي خبز ، إنفاق بالمعروف ، فيكون ذلك هو الواجب بالكتاب والسنة .

واعتبار النفقة بالكفارة في القدر لا يصح ; لأن الكفارة لا تختلف باليسار والإعسار ، ولا هي مقدرة بالكفاية ، وإنما اعتبرها الشرع بها في الجنس دون القدر ، ولهذا لا يجب فيها الأدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية