صفحة جزء
[ ص: 161 ] مسألة : قال : ( فإن منعها ما يجب لها ، أو بعضه ، وقدرت له على مال ، أخذت منه مقدار حاجتها بالمعروف ، كما { قال النبي صلى الله عليه وسلم لهند حين قالت : إن أبا سفيان رجل شحيح ، وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي . فقال : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف } ) وجملته أن الزوج إذا لم يدفع إلى امرأته ما يجب لها عليه من النفقة والكسوة ، أو دفع إليها أقل من كفايتها ، فلها أن تأخذ من ماله الواجب أو تمامه ، بإذنه وبغير إذنه ; بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم لهند : { خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف } . وهذا إذن لها في الأخذ من ماله بغير إذنه ، ورد لها إلى اجتهادها في قدر كفايتها وكفاية ولدها ، وهو متناول لأخذ تمام الكفاية ، فإن ظاهر الحديث دل على أنه قد كان يعطيها بعض الكفاية ، ولا يتممها لها ، فرخص النبي صلى الله عليه وسلم لها في أخذ تمام الكفاية بغير علمه ; لأنه موضع حاجة ، فإن النفقة لا غنى عنها ، ولا قوام إلا بها ، فإذا لم يدفعها الزوج ولم تأخذها ، أفضى إلى ضياعها وهلاكها ، فرخص النبي صلى الله عليه وسلم لها في أخذ قدر نفقتها ، دفعا لحاجتها ، ولأن النفقة تتجدد بتجدد الزمان شيئا فشيئا ، فتشق المرافعة إلى الحاكم ، والمطالبة بها في كل الأوقات ; فلذلك رخص لها في أخذها بغير إذن من هي عليه . وذكر القاضي بينها وبين الدين فرقا آخر ، وهو أن نفقة الزوجة تسقط بفوات وقتها عند بعض أهل العلم ، ما لم يكن الحاكم فرضها لها ، فلو لم تأخذ حقها أفضى إلى سقوطها ، والإضرار بها ، بخلاف الدين ، فإنه لا يسقط عند أحد بترك المطالبة ، فلا يؤدي ترك الأخذ إلى الإسقاط .

التالي السابق


الخدمات العلمية