صفحة جزء
( 6592 ) مسألة : قال : ( ولا يقتل مسلم بكافر ) أكثر أهل العلم لا يوجبون على مسلم قصاصا بقتل كافر ، أي كافر كان . روي ذلك عن عمر ، وعثمان ، وعلي ، وزيد بن ثابت ، ومعاوية ، رضي الله عنهم ، وبه قال عمر بن عبد العزيز ، وعطاء ، والحسن ، وعكرمة ، والزهري ، وابن شبرمة ، ومالك ، والثوري ، والأوزاعي ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو عبيد ، وأبو ثور ، وابن المنذر ، وقال النخعي ، والشعبي ، وأصحاب الرأي : يقتل المسلم بالذمي خاصة .

قال أحمد : الشعبي والنخعي قالا : دية المجوسي واليهودي والنصراني ، مثل دية المسلم ، وإن قتله يقتل به . هذا عجب ، يصير المجوسي مثل المسلم ، سبحان الله ، ما هذا القول ، واستبشعه . وقال : النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { لا يقتل مسلم بكافر } . وهو يقول : يقتل بكافر . فأي شيء أشد من هذا ، واحتجوا بالعمومات التي ذكرناها في أول الباب ، وبما روى ابن البيلماني أن النبي صلى الله عليه وسلم { أقاد مسلما بذمي ، وقال : أنا أحق من وفى بذمته } . ولأنه معصوم عصمة مؤبدة ، فيقتل به قاتله ، كالمسلم .

ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { المسلمون تتكافأ دماؤهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم ، ولا يقتل مؤمن بكافر } . رواه الإمام أحمد وأبو داود . وفي لفظ { : لا يقتل مسلم بكافر } . رواه البخاري ، وأبو داود . وعن علي رضي الله عنه قال : من السنة أن لا يقتل مسلم بكافر . رواه الإمام أحمد . ولأنه منقوص بالكفر ، فلا يقتل به المسلم ، كالمستأمن ، والعمومات مخصوصات بحديثنا ، وحديثهم ليس له إسناد . قاله أحمد . وقال الدارقطني . يرويه ابن البيلماني ، وهو ضعيف إذا أسند ، فكيف إذا أرسل ؟ والمعنى في المسلم أنه مكافئ للمسلم ، بخلاف الذمي ، فأما المستأمن ، فوافق أبو حنيفة الجماعة في أن المسلم لا يقاد به ، وهو المشهور عن أبي يوسف . وعنه : يقتل به ; لما سبق في الذمي . ولنا ، أنه ليس بمحقون الدم على التأبيد ، فأشبه الحربي ، مع ما ذكرنا من الدليل في التي قبلها .

التالي السابق


الخدمات العلمية