صفحة جزء
( 6597 ) فصل : وإن قطع يد مسلم فارتد ، ثم أسلم ومات ، وجب القصاص على قاتله . نص عليه أحمد ، رحمه الله ، في رواية محمد بن الحكم . وقال القاضي : يتوجه عندي أنه إن كان زمن الردة تسري في مثله الجناية ، لم يجب القصاص في النفس . وهل يجب في الطرف الذي قطع في إسلامه ؟ على وجهين . وهذا مذهب الشافعي ; لأن القصاص يجب بالجناية والسراية كلها ، فإذا لم يوجد جميعها في الإسلام ، لم يجب القصاص ، كما لو جرحه جرحين ، أحدهما : في الإسلام ، والآخر : في الردة ، فمات منهما .

ولنا ، أنه مسلم حال الجناية والموت ، فوجب القصاص بقتله ، كما لو لم يرتد ، واحتمال السراية حال الردة لا يمنع ; لأنها غير معلومة ، فلا يجوز ترك السبب المعلوم باحتمال المانع ، كما لو لم يرتد ، فإنه يحتمل أن يموت بمرض أو بسبب آخر ، أو بالجرح مع شيء آخر يؤثر في الموت ، فأما الدية ، فتجب كاملة ، ويحتمل وجوب نصفها ; لأنه مات من جرح مضمون وسراية غير مضمونة ، فوجب نصف الدية ، كما لو جرحه إنسان وجرح نفسه ، فمات منهما . فأما إن كان زمن الردة لا تسري في مثله الجناية ، ففيه الدية أو القصاص .

وقال الشافعي ، في أحد قوليه : لا قصاص فيه ; لأنه انتهى إلى حال لو مات لم يجب القصاص . ولنا ، أنهما متكافئان حال الجناية والسراية والموت ، فأشبه ما لو لم يرتد . وإن كان الجرح خطأ وجبت الكفارة بكل حال ; لأنه فوت نفسا معصومة .

التالي السابق


الخدمات العلمية