صفحة جزء
( 700 ) فصل : : ومن أدرك الإمام في الركوع فقد أدرك الركوع ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة } . رواه أبو داود . ولأنه لم يفته من الأركان إلا القيام ، وهو يأتي به مع تكبيرة الإحرام ، ثم يدرك مع الإمام بقية الركعة ، وهذا إذا أدرك الإمام في طمأنينة الركوع ، أو انتهى إلى قدر الإجزاء من الركوع قبل أن يزول الإمام عن قدر الإجزاء .

فهذا يعتد له بالركعة ، ويكون مدركا لها . فأما إن كان المأموم يركع والإمام يرفع لم يجزه ; وعليه أن يأتي بالتكبيرة منتصبا ، فإن أتى بها بعد أن انتهى في الانحناء إلى قدر الركوع أو ببعضها ، لم يجزه ; لأنه أتى بها في غير محلها ، إلا في النافلة ; لأنه يفوته القيام ، وهو من أركان الصلاة ، ثم يأتي بتكبيرة أخرى للركوع في حال انحطاطه إليه ، فالأولى ركن لا تسقط بحال ، والثانية تكبيرة الركوع ، والمنصوص عن أحمد أنها تسقط هاهنا ، ويجزئه تكبيرة واحدة . نقلها أبو داود وصالح وروي ذلك عن زيد بن ثابت ، وابن عمر ، وسعيد بن المسيب ، وعطاء ، والحسن ، وميمون بن مهران ، والنخعي ، والحكم ، والثوري ، والشافعي ، ومالك ، وأصحاب الرأي

وعن عمر بن عبد العزيز : عليه تكبيرتان . وهو قول حماد بن أبي سليمان ، والظاهر أنهما أرادا أن الأولى له أن يكبر تكبيرتين ، فلا يكون قولهما مخالفا لقول الجماعة ، فإن عمر بن عبد العزيز قد نقل عنه أنه كان ممن لا يتم التكبير ، ولأنه قد نقلت تكبيرة واحدة عن زيد بن ثابت وابن عمر ، ولم يعرف لهما في الصحابة مخالف .

فيكون ذلك إجماعا ، ولأنه اجتمع واجبان من جنس في محل واحد ، وأحدهما ركن ، فسقط به الآخر ، كما لو طاف الحاج طواف الزيارة عند خروجه من مكة أجزأه عن طواف الوداع . وقال القاضي : إن نوى بالتكبير الإحرام وحده أجزأه ، وإن نوى به الإحرام والركوع ، فظاهر كلام أحمد أنه لا يجزئه ; لأنه شرك بين الواجب وغيره في النية ، فأشبه ما لو عطس عند رفع رأسه من الركوع ، فقال : ربنا ولك الحمد ، ينويها . وقال : ونص أحمد في هذا أنه لا يجزئه . وهذا القول يخالف نصوص أحمد ، فلا يعول عليه ، وقد قال في رواية ابنه صالح ، فيمن جاء به والإمام راكع : كبر تكبيرة واحدة .

قيل له : ينوي بها الافتتاح ؟ قال : نوى أو لم ينو ، أليس قد جاء وهو يريد الصلاة ؟ ولأن نية الركوع لا تنافي نية الافتتاح ، ولهذا [ ص: 299 ] حكمنا بدخوله في الصلاة بهذه النية ، فلم تؤثر نية الركوع في فسادها ; ولأنه واجب يجزئ عنه وعن غيره إذا نواه ، فلم يمنع صحة نية الواجبين ، كما لو نوى بطواف الزيارة له وللوداع ، ولا يجوز ترك نص الإمام ومخالفته بقياس ما نصه في موضع آخر ، كما لا يترك نص كتاب الله تعالى ورسوله بقياس ، والمستحب تكبيرة نص عليه أحمد قال أبو داود : قلت لأحمد يكبر مرتين أحب إليك ؟ قال : إن كبر تكبيرتين ، ليس فيه اختلاف .

التالي السابق


الخدمات العلمية