صفحة جزء
( 6686 ) فصل : وفي قطع اليد ثمان مسائل ; أحدها : قطع الأصابع من مفاصلها ، فالقصاص واجب ; لأن لها مفاصل ، ويمكن القصاص من غير حيف ، وإن اختار الدية فله نصفها ; لأن في كل إصبع عشر الدية . الثانية : قطعها من نصف الكف ، فليس له القصاص من موضع القطع ; لأنه ليس بمفصل ، فلا يؤمن الحيف فيه . وإن أراد قطع الأصابع ففيه وجهان ; أحدهما : ليس له ذلك . وهذا اختيار أبي بكر ; لأنه يقتص من غير موضع الجناية ، فلم يجز ، كما لو كان القطع من الكوع ، يحققه أن امتناع قطع الأصابع إذا قطع من الكوع ، إنما كان لعدم المقتضي ، أو وجود مانع ، وأيهما كان فهو متحقق إذا كان القطع من نصف الكف . والثاني : له قطع الأصابع . ذكره أصحابنا . وهو مذهب الشافعي ; لأنه يأخذ دون حقه لعجزه عن استيفاء حقه ، فأشبه ما لو شجه هاشمة ، فاستوفى موضحة .

ويفارق ما إذا قطع من الكوع ; لأنه أمكنه استيفاء حقه ، فلم يجز له العدول إلى غيره . وهل له حكومة في نصف الكف ؟ فيه وجهان ; أحدهما ، ليس له ذلك ; لأنه يجمع بين القصاص والأرش في عضو واحد ، فلم يجز ، كما لو قطع من الكوع . والثاني : له أرش نصف الكف ; لأنه حق له تعذر استيفاؤه ، فوجب أرشه ، كسائر ما هذا حاله . وإن اختار الدية ، فله نصفها ، لأن قطع اليد من الكوع لا يوجب أكثر من نصف الدية ، فما دونه أولى . الثالثة : قطع من الكوع ، فله قطع يده من الكوع ، لأنه مفصل ، وليس له قطع الأصابع ; لأنه غير محل الجناية ، فلا يستوفي منه مع إمكان الاستيفاء من محلها . الرابعة : قطع من نصف الذراع ، فليس له أن يقطع من ذلك الموضع ; لأنه ليس بمفصل ، وقد ذكرنا الخبر الوارد فيه ، وله نصف الدية ، وحكومة في المقطوع من الذراع . وهل له أن يقطع من الكوع ؟ فيه وجهان ، كما ذكرنا في من قطع من نصف الكف .

ومن جوز له القطع من الكوع ، فعنده في وجوب الحكومة لما قطع من الذراع وجهان . ويخرج أيضا في جواز قطع الأصابع وجهان . فإن قطع منها ، لم يكن له حكومة في الكف ; لأنه أمكنه أخذه قصاصا ، فلم يكن له طلب أرشه ، كما لو كانت الجناية من الكوع . الخامسة : قطع من المرفق ، فله القصاص منه ; لأنه مفصل ، وليس له القطع من الكوع ; لأنه أمكنه استيفاء حقه بكماله ، والاقتصاص من محل الجناية عليه ، فلم يجز له العدول إلى غيره . وإن عفا إلى الدية ، فله دية اليد ، وحكومة للساعد . السادسة : قطعها من العضد ، فلا قصاص فيها ، في أحد الوجهين ، وله دية اليد ، وحكومة للساعد وبعض العضد . والثاني : له القصاص من المرفق . وهل له حكومة في الزائد ؟ على وجهين : وهل له القطع من الكوع ؟ يحتمل [ ص: 256 ] وجهين .

السابعة : قطع من المنكب ، فالواجب القصاص ; لأنه مفصل ، وإن اختار الدية ، فله دية اليد ، وحكومة لما زاد . الثامنة : خلع عظم المنكب ، ويقال له : مشط الكتف ، فيرجع فيه إلى اثنين من ثقات أهل الخبرة ، فإن قالوا : يمكن الاستيفاء من غير أن تصير جائفة . استوفي ، وإلا صار الأمر إلى الدية . وفي جواز الاستيفاء من المرفق أو ما دونه مثل ما ذكرنا في نظائره . ومثل هذه المسائل في الرجل ، والساق كالذراع ، والفخذ كالعضد ، والورك كعظم الكتف ، والقدم كالكف .

التالي السابق


الخدمات العلمية