صفحة جزء
( 6705 ) فصل : إذا قلع الأعور عين صحيح ، فلا قود ، وعليه دية كاملة . روي ذلك عن عمر ، وعثمان ، [ ص: 262 ] رضي الله عنهما . وبه قال سعيد بن المسيب ، وعطاء . وقال الحسن والنخعي : إن شاء اقتص وأعطاه نصف دية . وقال مالك : إن شاء اقتص ، وإن شاء أخذ دية كاملة . وقال مسروق والشعبي ، وابن سيرين ، وابن مغفل ، والثوري ، والشافعي ، وأصحاب الرأي ، وابن المنذر : له القصاص ، ولا شيء عليه .

وإن عفا ، فله نصف الدية ، لقول الله تعالى : { والعين بالعين } . وجعل النبي صلى الله عليه وسلم في العينين الدية . ولأنها إحدى شيئين فيهما الدية ، فوجب القصاص ممن له واحدة ، أو نصف الدية ، كما لو قطع الأقطع يد من له يدان . ولنا ، قول عمر وعثمان رضي الله عنهما ولم نعرف لهما مخالفا في عصرهما ، ولأنه لم يذهب بجميع بصره ، فلم يجز له الاقتصاص منه بجميع بصره ، كما لو كان ذا عينين . وأما إذا قطع يد الأقطع ، فلنا فيه منع ، ومع التسليم ، فالفرق بينهما أن يد الأقطع لا تقوم مقام اليدين في النفع الحاصل بهما ، بخلاف عين الأعور ، فإن النفع الحاصل بالعينين حاصل بها ، وكل حكم يتعلق بصحيح العينين ، يثبت في الأعور مثله ; ولهذا صح عتقه في الكفارة دون الأقطع .

فأما وجوب الدية كاملة عليه ، وهو قول مالك ، فلأنه لما دفع عنه القصاص مع إمكانه لفضيلته ، ضوعفت الدية عليه ، كالمسلم إذا قتل ذميا عمدا . ولوقلع الأعور إحدى عيني الصحيح خطأ ، لم يلزمه إلا نصف الدية ، بغير اختلاف ; لعدم المعنى المقتضي لتضعيف الدية .

التالي السابق


الخدمات العلمية