صفحة جزء
( 6773 ) فصل : ولو أمر السلطان رجلا ، فقتل آخر ، فإن كان القاتل يعلم أنه لا يستحق قتله ، فالقصاص عليه دون الآمر ; لأنه غير معذور في فعله ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق } . وعنه عليه السلام أنه قال : { من أمركم من الولاة بغير طاعة الله تعالى ، فلا تطيعوه } . فلزمه القصاص ، كما لو أمره غير السلطان . وإن لم يعلم ذلك ، فالقصاص على الآمر دون المأمور ; لأن المأمور ; معذور ، لوجوب طاعة الإمام فيما ليس بمعصية ، والظاهر أنه لا يأمر إلا بالحق .

وإن أمره غير السلطان من الرعية بالقتل ، فقتل ، فالقود على المأمور بكل حال ، علم أو لم يعلم ; لأنه لا يلزمه طاعته ، وليس له القتل بحال ، بخلاف السلطان ، فإن إليه القتل للردة ، والزنى وقطع الطريق إذا قتل القاطع ، ويستوفي القصاص للناس ، وهذا ليس إليه شيء من ذلك . وإن أكرهه السلطان على قتل أحد ، أو جلده بغير حق ، فمات ، فالقصاص عليهما . وإن وجبت الدية ، كانت عليهما فإن كان الإمام يعتقد جواز القتل دون المأمور ، كمسلم قتل ذميا ، أو حر قتل عبدا ، فقتله ، فقال القاضي : الضمان عليه دون الإمام ; لأن الإمام ; أمره بما أدى اجتهاده إليه ، والمأمور لا يعتقد جوازه ، فلم يكن له أن يقبل أمره ، فإذا قتله ، لزمه الضمان ; لأنه قتل من لا يحل له قتله . وينبغي أن يفرق بين العامي والمجتهد ; فإن كان مجتهدا ، فالحكم فيه على ما ذكر القاضي ، وإن كان مقلدا ، فلا ضمان عليه ; لأن له تقليد الإمام فيما رآه .

وإن كان الإمام يعتقد تحريمه ، والقاتل يعتقد حله فالضمان على الآمر ، كما لو أمر السيد الذي لا يعتقد تحريم القتل به ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية