صفحة جزء
( 722 ) مسألة : قال : ( ويجافي عضديه عن جنبيه ، وبطنه عن فخذيه ، وفخذيه عن ساقيه ، ويكون على أطراف أصابعه ) وجملته أن من السنة أن يجافي عضديه عن جنبيه ، وبطنه عن فخذيه إذا سجد ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك في سجوده . قال أبو عبد الله ، في " رسالته " : جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم { ، أنه كان إذا سجد لو مرت بهيمة لنفدت } ، وذلك لشدة مبالغته في رفع مرفقيه وعضديه . ورواه أيضا أبو داود في حديث أبي حميد { ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد جافى عضديه عن جنبيه } ، ولأبي داود { . ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته ، ونحى يديه عن جنبيه ، ووضع يديه حذو منكبيه } . وقال أبو إسحاق الشعبي : وصف لنا البراء السجود ، فوضع يديه بالأرض ، ورفع عجيزته ، وقال : هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعل . وقال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد جخ . والجخ : الخاوي . رواهما أبو داود والنسائي .

ويستحب أن يكون على أطراف أصابع رجليه ، ويثنيهما إلى القبلة . وقال أحمد : ويفتح أصابع رجليه ، ليكون أصابعهما إلى القبلة . ويسجد على صدور قدميه ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { أمرت أن أسجد على سبعة أعظم } . ذكر منها أطراف القدمين ، وفي لفظ ، أن النبي صلى الله عليه وسلم { سجد غير مفترش ولا قابضهما ، واستقبل بأطراف رجليه القبلة } . من رواية البخاري . ومن رواية الترمذي : وفتح أصابع رجليه . وهذا معناه . ومن رواية أبي داود : سجد ، فانتصب على كفيه وركبتيه وصدور قدميه ، وهو ساجد .

( 723 ) فصل : ويستحب أن يضع راحتيه على الأرض ، مبسوطتين ، مضمومتي الأصابع بعضها إلى بعض ، مستقبلا بهما القبلة ، ويضعهما حذو منكبيه . ذكره القاضي ، وهو مذهب الشافعي ; لقول أبي حميد : إن النبي صلى الله عليه وسلم وضع كفيه حذو منكبيه .

وروى الأثرم قال : رأيت أبا عبد الله سجد ويداه بحذاء أذنيه . وروي ذلك عن ابن عمر ، وسعيد بن جبير ; لما روى وائل بن حجر { ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فجعل كفيه بحذاء أذنيه } ، رواه الأثرم ، وأبو داود ، ولفظه : ثم سجد ووضع وجهه بين كفيه . والجميع حسن .

( 724 ) فصل : والكمال في السجود على الأرض أن يضع جميع بطن كفيه ، وأصابعه على الأرض ، ويرفع مرفقيه ، فإن اقتصر على بعض باطنهما ، أجزأه . قال أحمد : إن وضع من اليدين بقدر الجبهة ، أجزأه .

وإن جعل ظهور كفيه إلى الأرض ، وسجد عليهما ، أو سجد على أطراف أصابع يديه ، فظاهر الخبر أنه يجزئه ; لأنه أمر بالسجود على اليدين ، وقد سجد عليهما . وكذلك لو سجد على ظهور قدميه ، فإنه قد سجد على القدمين ، ولا يخلو من إصابة بعض أطراف قدميه الأرض ، فيكون ساجدا على أطراف قدميه ، ولكنه يكون تاركا للأفضل الأحسن ; لما ذكرنا من الأحاديث في ذلك . [ ص: 307 ]

( 725 ) فصل : ويستحب أن يفرق بين ركبتيه ورجليه ; لما روى أبو حميد قال : وإذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه .

( 726 ) فصل : وإذا أراد السجود فسقط على وجهه ، فماست جبهته الأرض ، أجزأه ذلك وإن لم ينو . إلا أن يقطع نية السجود ، فلا يجزئه .

وإن انقلب على جنبه ، ثم انقلب ، فماست جبهته الأرض ، لم يجزه ذلك ، إلا أن ينوي السجود . والفرق بين المسألتين : أنه هاهنا خرج عن سنن الصلاة وهيئاتها ، ثم كان انقلابه الثاني عائدا إلى الصلاة ، فافتقر إلى تجديد النية ، وفي التي قبلها هو على هيئة الصلاة وسنتها ، فاكتفي باستدامة النية .

التالي السابق


الخدمات العلمية