صفحة جزء
( 6815 ) مسألة : قال : ( والعاقلة العمومة ، وأولادهم وإن سفلوا ، في إحدى الروايتين عن أبي عبد الله . والرواية الأخرى ، الأب ، والابن ، والإخوة ، وكل العصبة من العاقلة ) . العاقلة : من يحمل العقل . والعقل : الدية ، تسمى عقلا ; لأنها تعقل لسان ولي المقتول . وقيل : إنما سميت العاقلة ، [ ص: 306 ] لأنهم يمنعون عن القاتل ، والعقل : المنع ، ولهذا سمي بعض العلوم عقلا ; لأنه يمنع من الإقدام على المضار .

ولا خلاف بين أهل العلم في أن العاقلة العصبات ، وأن غيرهم من الإخوة من الأم ، وسائر ذوي الأرحام ، والزوج ، وكل من عدا العصبات ، ليس هم من العاقلة . واختلف في الآباء والبنين ، هل هم من العاقلة أو لا . وعن أحمد في ذلك روايتان : إحداهما : أن كل العصبة من العاقلة ، يدخل فيه آباء القاتل ، وأبناؤه ، وإخوته ، وعمومته ، وأبناؤهم . وهذا اختيار أبي بكر والشريف أبي جعفر ، وهو مذهب مالك ، وأبي حنيفة ; لما روى عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : { قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عقل المرأة بين عصبتها ، من كانوا ، لا يرثون منها شيئا إلا ما فضل عن ورثتها ، وإن قتلت فعقلها بين ورثتها } . رواه أبو داود .

ولأنهم عصبة ، فأشبهوا الإخوة ، يحققه أن العقل موضوع على التناصر ، وهم من أهله ، ولأن العصبة في تحمل العقل كهم في الميراث ، في تقديم الأقرب فالأقرب ، وآباؤه وأبناؤه أحق العصبات بميراثه ، فكانوا أولى بتحمل عقله . والرواية الثانية ، ليس آباؤه وأبناؤه من العاقلة ، وهو قول الشافعي ; لما روى أبو هريرة ، قال : { اقتتلت امرأتان من هذيل ، فرمت إحداهما الأخرى ، فقتلتها ، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بدية المرأة على عاقلتها ، وورثها ولدها ومن معهم } . متفق عليه . وفي رواية : { ثم ماتت القاتلة ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ميراثها لبنيها ، والعقل على العصبة } . رواه أبو داود ، والنسائي . وفي رواية عن جابر بن عبد الله . قال : { فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم دية المقتولة على عاقلتها ، وبرأ زوجها وولدها . قال : فقالت عاقلة المقتولة : ميراثها لنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ميراثها لزوجها وولدها } . رواه أبو داود .

إذا ثبت هذا في الأولاد ، قسنا عليه الوالد ; لأنه في معناه ، ولأن مال ولده ووالده كماله ; ولهذا لم تقبل شهادتهما له ، ولا شهادته لهما ، ووجب على كل واحد منهما الإنفاق على الآخر إذا كان محتاجا ، والآخر موسرا ، وعتق عليه إذا ملكه ، فلا تجب في ماله دية ، كما لم يجب في مال القاتل . وظاهر كلام الخرقي ، أن في الإخوة روايتين ، كالولد والوالد ، وغيره من أصحابنا يجعلونهم من العاقلة بكل حال ، ولا أعلم فيه عن غيرهم خلافا .

التالي السابق


الخدمات العلمية