صفحة جزء
( 6868 ) فصل : إذا سقط رجل في بئر ، فسقط عليه آخر فقتله ، فعليه ضمانه ; لأنه قتله فضمنه ، كما لو رمى عليه حجرا ، ثم ينظر ; فإن كان عمد رمي نفسه عليه ، وهو مما يقتل غالبا ، فعليه القصاص ، وإن كان مما لا يقتل [ ص: 329 ] غالبا ، فهو شبه عمد ، وإن وقع خطأ ، فالدية على عاقلته مخففة . وإن مات الثاني بوقوعه على الأول ، فدمه هدر ; لأنه مات بفعله .

وقد روى علي بن رباح اللخمي ، أن رجلا كان يقود أعمى ، فوقعا في بئر ; خر البصير ، ووقع الأعمى فوق البصير ، فقتله ، فقضى عمر بعقل البصير على الأعمى ، فكان الأعمى ينشد في الموسم :

يا أيها الناس لقيت منكرا هل يعقل الأعمى الصحيح المبصرا     خرا معا كلاهما تكسرا

وهذا قول ابن الزبير ، وشريح ، والنخعي ، والشافعي ، وإسحاق . ولو قال قائل : ليس على الأعمى ضمان البصير ; لأنه الذي قاده إلى المكان الذي وقعا فيه ، وكان سبب وقوعه عليه ، ولذلك لو فعله قصدا لم يضمنه ، بغير خلاف ، وكان عليه ضمان الأعمى ، ولو لم يكن سببا لم يلزمه ضمان بقصده . لكان له وجه ، إلا أن يكون مجمعا عليه ، فلا تجوز مخالفة الإجماع .

ويحتمل أنه إنما لم يجب الضمان على القائد لوجهين ; أحدهما ، أنه مأذون فيه من جهة الأعمى ، فلم يضمن ما تلف به ، كما لو حفر له بئرا في داره بإذنه ، فتلف بها . الثاني : أنه فعل مندوب إليه ، مأمور به ، فأشبه ما لو حفر بئرا في سابلة ينتفع بها المسلمون ، فإنه لا يضمن ما تلف بها .

التالي السابق


الخدمات العلمية