صفحة جزء
( 68 ) فصل : وإن اشتبهت عليه ثياب طاهرة بنجسة ، لم يجز التحري ، وصلى في كل ثوب بعدد النجس ، وزاد صلاة . وهذا قول ابن الماجشون . وقال أبو ثور ، والمزني : لا يصلي في شيء منها كالأواني ، وقال أبو حنيفة ، والشافعي : يتحرى فيها ، كقولهم في الأواني والقبلة . ولنا أنه أمكنه أداء فرضه بيقين من غير حرج فيلزمه ، كما لو اشتبه الطهور بالطاهر ، وكما لو نسي صلاة من يوم لا يعلم عينها .

والفرق بين هذا وبين الأواني النجسة من وجهين : أحدهما أن استعمال النجس يتنجس به ، ويمنع صحة صلاته في الحال والمآل ، وهذا بخلافه . الثاني أن الثوب النجس تباح له الصلاة فيه إذا لم يجد غيره ، والماء النجس بخلافه . والفرق بينه وبين القبلة من وجوه : أحدها ، أن القبلة يكثر الاشتباه فيها ، فيشق اعتبار اليقين ، فسقط دفعا للمشقة ، وهذا بخلافه .

الثاني أن الاشتباه هاهنا حصل بتفريطه ; لأنه كان يمكنه تعليم النجس أو غسله ، ولا يمكنه ذلك في القبلة . الثالث أن القبلة عليها أدلة من النجوم والشمس والقمر وغيرها ، فيصح الاجتهاد في طلبها ، ويقوى دليل الإصابة لها ، بحيث لا يبقى احتمال الخطأ إلا وهما ضعيفا ، بخلاف الثياب .

( 69 ) فصل : فإن لم يعلم عدد النجس ، صلى فيما يتيقن به أنه صلى في ثوب طاهر ، فإن كثر ذلك وشق ، فقال ابن عقيل : يتحرى في أصح الوجهين ; دفعا للمشقة . والثاني لا يتحرى ; لأن هذا يندر جدا ، فلا يفرد بحكم ، ويحسب عليه دليل الغالب .

التالي السابق


الخدمات العلمية