صفحة جزء
[ ص: 338 ] فصل : إذا بعث السلطان إلى امرأة ليحضرها ، فأسقطت جنينا ميتا ، ضمنه بغرة ; لما روي أن عمر رضي الله عنه بعث إلى امرأة مغيبة ، كان يدخل عليها ، فقالت : يا ويلها ، مالها ولعمر فبينما هي في الطريق إذ فزعت ، فضربها الطلق ، فألقت ولدا ، فصاح الصبي صيحتين ، ثم مات ، فاستشار عمر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأشار بعضهم أن ليس عليك شيء ، إنما أنت وال ومؤدب . وصمت علي فأقبل عليه عمر ، فقال : ما تقول يا أبا الحسن ؟ فقال : إن كانوا قالوا برأيهم فقد أخطأ رأيهم ، وإن كانوا قالوا في هواك فلم ينصحوا لك ، إن ديته عليك ; لأنك أفزعتها فألقته . فقال عمر : أقسمت عليك أن لا تبرح حتى تقسمها على قومك .

ولو فزعت المرأة فماتت ، لوجبت ديتها أيضا . ووافق الشافعي في ضمان الجنين ، وقال : لا تضمن المرأة ; لأن ذلك ليس بسبب إلى هلاكها في العادة . ولنا ، أنها نفس هلكت بإرساله إليها ، فضمنها ، كجنينها ، أو نفس هلكت بسببه ، فغرمها ، كما لو ضربها فماتت . وقوله : إنه ليس بسبب عادة . قلنا : ليس كذلك ، فإنه سبب للإسقاط ، والإسقاط سبب للهلاك عادة ، ثم لا يتعين في الضمان كونه سببا معتادا ، فإن الضربة والضربتين بالسوط ، ليست سببا للهلاك في العادة ، ومتى أفضت إليه وجب الضمان .

وإن استعدى إنسان على امرأة ، فألقت جنينها ، أو ماتت فزعا ، فعلى عاقلة المستعدي الضمان ، إن كان ظالما لها ، وإن كانت هي الظالمة ، فأحضرها عند الحاكم ، فينبغي أن لا يضمنها ; لأنها سبب إحضارها بظلمها ، فلا يضمنها غيرها ، ولأنه استوفى حقه ، فلم يضمن ما تلف به ، كالقصاص ، ويضمن جنينها ; لأنه تلف بفعله ، فأشبه ما لو اقتص منها .

التالي السابق


الخدمات العلمية