صفحة جزء
( 6900 ) فصل : وإن جنى عليه فنقص ضوء عينيه ، ففي ذلك حكومة . وإن ادعى نقص ضوئهما ، فالقول قوله مع يمينه ; لأنه لا يعرف ذلك إلا من جهته . وإن ذكر أن إحداهما نقصت ، عصبت المريضة ، وأطلقت الصحيحة ، ونصب له شخص فيباعد عنه ، فكلما قال : رأيته . فوصف لونه ، علم صدقه ، حتى تنتهي ، فإذا انتهت علم موضعها ، ثم تشد الصحيحة ، وتطلق المريضة ، وينصب له شخص ، ثم يذهب حتى تنتهي رؤيته ، ثم يدار الشخص إلى جانب آخر ، فيصنع به مثل ذلك ، ثم يعلمه عند المسافتين ، ويذرعان ، ويقابل بينهما ، فإن كانتا سواء ، فقد صدق ، وينظر كم بين مسافة رؤية العليلة والصحيحة ، ويحكم له من الدية بقدر ما بينهما ، وإن اختلفت المسافتان ، فقد كذب ، وعلم أنه [ ص: 342 ] قصر مسافة رؤية المريضة ليكثر الواجب له ، فيردد حتى تستوي المسافة بين الجانبين .

والأصل في هذا ، ما روي عن علي رضي الله عنه قال ابن المنذر : أحسن ما قيل في ذلك ، ما قاله علي ، رضي الله عنه أمر بعينه فعصبت ، وأعطى رجلا بيضة ، فانطلق بها وهو ينظر ، حتى انتهى بصره ، ثم أمر فخط عند ذلك ، ثم أمر بعينه فعصبت الأخرى ، وفتحت الصحيحة ، وأعطى رجلا بيضة ، فانطلق بها وهو يبصر حتى انتهى بصره ، ثم خط عند ذلك ، ثم حول إلى مكان آخر ، ففعل مثل ذلك ، فوجدوه سواء ، فأعطاه بقدر ما نقص من بصره من مال الآخر . قال القاضي : وإذا زعم أهل الطب أن بصره يقل إذا بعدت المسافة ، ويكثر إذا قربت ، وأمكن هذا في المذارعة ، عمل عليه . وبيانه أنهم إذا قالوا : إن الرجل إذا كان يبصر إلى مائة ذراع ، ثم أراد أن يبصر إلى مائتي ذراع ، احتاج للمائة الثانية إلى ضعفي ما يحتاج إليه للمائة الأولى من البصر . فعلى هذا ، إذا أبصر بالصحيحة إلى مائتين ، وأبصر بالعليلة إلى مائة علمنا أنه قد نقص ثلثا بصر عينه ; فيجب له ثلثا ديتها . وهذا لا يكاد ينضبط في الغالب ، وكل ما لا ينضبط ففيه حكومة .

وإن جنى على عينيه ، فندرتا ، أو احولتا ، أو عمشتا ، ففي ذلك حكومة ، كما لو ضرب يده فاعوجت . والجناية على الصبي والمعتوه ، كالجناية على البالغ والعاقل ، وإنما يفترقان في أن البالغ خصم لنفسه ، والخصم للصبي والمجنون وليهما ، فإذا توجهت اليمين عليهما لم يحلفا ، ولم يحلف الولي عنهما ، فإن بلغ الصبي ، وأفاق المجنون ، حلفا حينئذ . ومذهب الشافعي في هذا الفصل كله كمذهبنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية