صفحة جزء
( 741 ) مسألة : قال : ( ويفعل في الثانية مثل ما فعل في الأولى ) يعني يصنع في الركعة الثانية من الصلاة مثل ما صنع في الركعة الأولى على ما وصف ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم وصف الركعة الأولى للمسيء في صلاته ، ثم قال { : افعل ذلك في صلاتك كلها } . وهذا لا خلاف فيه نعلمه ، إلا أن الثانية تنقص النية وتكبيرة الإحرام والاستفتاح ; لأن ذلك يراد لافتتاح الصلاة ، وقد روى مسلم عن أبي هريرة ، قال { : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة بالحمد لله رب العالمين ، ولم يسكت } .

وهذا يدل على أنه لم يكن يستفتح ولا يستعيذ ، ولا نعلم في ترك هذه الأمور الثلاثة خلافا ، فيما عدا الركعة الثالثة . فأما الاستعاذة فاختلفت الرواية عن أحمد فيها في كل ركعة ، فعنه أنها تختص بالركعة الأولى . وهو قول عطاء ، والحسن ، والنخعي ، والثوري ; لحديث أبي هريرة هذا ، ولأن الصلاة جملة واحدة فالقراءة فيها كلها كالقراءة الواحدة ، ولذلك اعتبرنا الترتيب في القراءة في الركعتين ، فأشبه ما لو سجد للتلاوة في أثناء قراءته .

فإذا أتى بالاستعاذة في أولها كفى ذلك كالاستفتاح . فعلى هذه الرواية ، إذا ترك الاستعاذة في الأولى لنسيان أو غيره ، أتى بها في الثانية ، والاستفتاح بخلاف ذلك . نص عليه ; لأن الاستفتاح لافتتاح الصلاة ، فإذا فات في أولها فات محله . والاستعاذة للقراءة ، وهو يستفتحها في الثانية ، وإن شرع في القراءة قبل الاستعاذة ، لم يأت بها في تلك الركعة ; لأنها سنة فات محلها .

والرواية الثانية ، يستعيذ في كل ركعة . وهو قول ابن سيرين ، والشافعي ، لقوله سبحانه وتعالى : { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } . فيقتضي ذلك تكرير الاستعاذة عند تكرير القراءة ، ولأنها مشروعة للقراءة ، فتكرر بتكررها ، كما لو كانت في صلاتين .

التالي السابق


الخدمات العلمية